كل ما يتعلق بالمالية العامة بادق تفاصيلها
نشأة وتطور المالية العامة وعلاقتها بالعلوم الأخرى
النفقات العامة
لإيرادات العامة
الميزانية العامة وأصولها العلمية
يرجى التركيز
بسم الله
بحث كامل حول المالية العامة
خطة البحث
مقدمة
• الفصل الأول: نشأة وتطور المالية العامة وعلاقتها بالعلوم الأخرى
- المبحث الأول : مفهوم علم المالية
o المطلب الأول: المفهوم التقليدي للمالية العامة
o المطلي الثاني : المفهوم الحديث للمالية العامة
o المطلب الثالث : المفهوم المعاصر للمالية العامة
- المبحث الثاني : التطور التاريخي لعلم للمالية العامة
o المطلب الأول : للمالية العامة في الحضارات القديمة
o المطلب الثاني : للمالية العامة عند العرب قبل وبعد الإسلام
o المطلب الثالث : للمالية العامة في ارو ربا
- المبحث الثالث : مصادر وأدوات وأهداف المالية العامة
o المطلب الأول : مصادر المالية العامة
o المطلب الثاني: أدوات المالية العامة
o المطلب الثالث : أهداف المالية العامة
- المبحث الرابع : سياسة المالية العامة وعلاقة علم المالية بالعلوم الأخرى .
o المطلب الأول : السياسة المالية في اقتصاديات الدول
o المطلب الثاني : علاقة المالية العامة بالعلوم الأخرى
o
لمطلب الثالث : الفرق بين المالية العامة والمالية الخاصة
• الفصل الثاني: النفقات العامة( مفهوم النفقات العامة والخاصة، أنواع النفقات العامة، تقسيم النفقات العامة، الآثار الاقتصادية والاجتماعية للنفقات العامة)
المبحث الأول: ماهية النفقة العامة.
المطلب الأول: تعريف النفقة العامة.
المطلب الثاني: عناصر النفقة العامة.
المطلب الثالث: قواعد النفقة العامة.
المبحث الثاني: ضوابط تحديد الانفاق العام و أولوياته.
المطلب الأول: ضوابط تحديد النفقات العامة.
المطلب الثاني: أولويات الانفاق العام.
المبحث الثالث: تقسيمات النفقات العامة.
المطلب الأول: التقسيمات العلمية.
المطلب الثاني: التقسيم الوصفي للنفقات العامة.
المبحث الرابع: ظاهرة ازدياد النفقات العامة.
المطلب الأول: الاسباب الظاهرية لزيادت النفقات العامة.
المطلب الثاني: الأسباب الحقبقية لزيادة النفقات العامة.
• الفصل الثالث: الإيرادات العامة( مفهوم الإيرادات العامة، أنواع الإيرادات العامة، مصادر الإيرادات)
• الفصل الثالث: الإيرادات العامة( مفهوم الإيرادات العامة، أنواع الإيرادات العامة، مصادر الإيرادات)
ماهية الإيرادات العامة
المبحث الأول: التطور التاريخي للإيرادات
المطلب الأول: كيفية تطور الإيراد عبر التاريخ
المطلب الثاني: مفهوم الإيراد العام
المبحث الثاني: أقسام الإيرادات العامة
المطلب الأول: معايير تقسيم الإيرادات
المطلب الثاني: دراسة معايير التقسيم.
مصادرالايرادات العامة الأخرى
المبحث الأول: الإيرادات العامة الخاصة بممتلكات الدولة و خدماتها.
المطلب الأول: الدومين العام والدومين الخاص.
المطلب الثاني: الرسم وخصائصه والثمن العام.
المبحث الثاني: الإيرادات العامة الخاصة بالدولة الإسلامية والغير جبرية.
المطلب الأول = الزكاة.
المطلب الثاني = الفيء والغنائم.
المطلب الثالث = الهبات والهدايا.
المطلب الرابع = المنح والإعانات الأجنبية.
المبحث الثالث = الإيرادات العامة الأخرى الجبرية.
المطلب الأول = الغرامات.
المطلب الثاني = اليانصيب العام.
المطلب الثالث = الإصدار النقدي الجديد.
• الفصل الرابع: الميزانية العامة وأصولها العلمية (مبادئ الميزانية العامة، إعداد وتنفيذ الميزانية العامة والتوازن الاقتصادي والاجتماعي)
الفصل الأول:ماهية الميزانية العامة:
المبحث الأول: تعريفات الميزانية العامة:
المبحث الثاني:خصائص الميزانية العامة.المبحث الثالث: أهمية الميزانية العامة:
الفصل الثاني:
المبحث الأول: تقسيمات الميزانية العامة:
المبحث الثاني:المبادئ الأساسية للميزانية:
المبحث الثالث: عجز الميزانية العامة:
الفصل الثالث: مراحل الميزانية العامة:
المبحث الأول: تحضير و إعداد الميزانية:
المبحث الثاني: اعتماد الميزانية:
المبحث الثالث: تنفيذ الميزانية و الرقابة عليها:
- خاتمة
مقدمة:
ستشمل دراستنا على أحد فروع الاقتصاد ألا وهو الاقتصاد المالي أو اقتصاد المالية العامة بكل ما يحويه هذا العلم من أنشطة مالية حتى أنه يتضمن السياسات المالية التي تعتبر جزء من السياسة الاقتصادية العامة لأي نشاط اقتصادي واجتماعي.
ولذلك يجب علينا الإشارة بأن علم المالية العامة هو من العلوم التي تعتبر حديثة نسبيا .
وهكذا فإن المالية العامة والسياسات المالية يعتبران أهم أدوات الدولة للتدخل الاقتصادي ومن هذه المنطلقات نطرح الإشكاليات التالية :
1- ماهو جوهر المالية العامة
2- كيف كان تدرج المالية العامة
3- من أين تستمد المالية العامة
4- وفي ما تتمثل مكنزمات سياسة المالية العامة
• الفصل الأول: نشأة وتطور المالية العامة وعلاقتها بالعلوم الأخرى
مط1: المفهوم التقليدي لعلم المالية العامة
تعريف المالية العامة قديما :
كانت تشرق وفقا للفكر الذي ساد حتى من تصف القرن 19م بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الوسائل التي تحصل بها الدولة على الإيرادات اللازمة لتغطية النفقات العامة فالعلم كان يعرف على هذا النحو بهدف واحد وهو تغطية النفقات العامة وكذلك بوسائل تحقيق هذا الهدف أي كيفية توزيع أعباء العامة على مختلف المواطنين وقد كان الطابع الأساسي لهذا العلم آنذاك طابعا قانونيا إذ كان الشاغل الكبير لشارحي المالية العامة بيان وسائل الحد من نشاط الدولة وحماية مصالح الأفراد من التدخل الحكومي غير المفيد ولقد كانت دراسة (م.ع) من هذه الزاوية الضيقة أمرا منتقدا إذ أن الظواهر المالية ، مثلها في ذلك مثل غيرها من الظواهر الاجتماعية تتأثر بالعديد من العوامل (اق.س.اج.) إلا أن الوقائع حتى نهاية ح ع I كان لابد من شارص (م.ع) إلى البحث عن تعريف جديد ذلك لتعدد موضوعاته وتعدد جوانب دراسته وهكذا أصبحت (م.ع) بأنها العلم الذي يبحث في دراسة الأسس التي ينبني عليها الضرائب والحصول على إيرادات العامة اللازمة لتأدية الخدمات العامة ويبحث كيفية الموازنة بين إيرادات ونفقات الدولة .
مط2: المفهوم الحديث لعلم المالية العامة :
تعريف المالية العامة حديثا : بعد أزمة الكساد الكبير ونشوب ح ع II جعل هذا التعريف قاصرا على الإلمام بما طرأ على دور الدولة في الحياة (ا.ق) من تطور ، فأهداف الدولة لم تعد محددة بالمحافظة على الأمن والنظام وإنما بدأت السلطات العامة في السعي مباشرة لتحقيق الرفاهية العامة وتوزيع أفضل للدخل القومي يتميز بتحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية ولقد لفت تزايد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية أنظار للماليين ودفعهم إلى التركيز على الجانب الاقتصادي في دراسة الظواهر المالية والبحث عن أفضل الأساليب لترشيد الاتفاق لعام وضمان تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد العامة ، وقد أدى هذا التطور إلى تدعيم العلاقة بين علمي الاقتصاد والمالية العمة حتى أصبح يتلخص في : دراسة الاقتصاديات المرافقة والهيئات العامة ولنفصل أكثر فان المالية العامة هي ذلك العلم الذي يشرح المبادئ التي تحكم التنظيم المالي للدولة والهيئات العامة ويبحث عن وسائل تنفيذ أهداف المرافق بأكثر أساليب الاقتصادية .
المطلب الثالث : المفهوم المعاصر لعلم المالية العامة
مرحلة الدولة المعاصرة
عرفت المالية العامة تطورا اكبر خلال ½ الثاني من القرن 20 الراجع إلى تعددها بالنظر إلى أهمية وطبيعة الإرادات والنفقات العامة إلى تخلف من دولة متقدمة إلى أخرى في طريق النمو
- لقد استحدثت المالية المعاصرة من طرف الأنظمة البرلمانية في مختلف الدول وعلى وجه الخصوص الدول الأوروبية منها عقب انهيار الحكم الملكي ..
فالحد من السلطة الملكية ، عمدت البرلمانات المنتخبة إلى استعمال التقنيات المالية ، بالترخيص المبدئي للإيرادات ونفقات الخدمات العمومية بهذه الطريقة لكون هذه البرلمانات حدت من مجال التدخل الممكن والمسموح للدولة.
المبحث الثاني : التطور التاريخي لعلم المالية العامة
المطلب الأول : المالية العامة في الحضارات القديمة
ترجع أصول الفكر المالي إلى المفكرين القدامى بأن الحضارات الأولى بالرغم من أن الشؤون الاقتصادية والمالية البحتة لم تشغل أذهان أولائك المفكرين ، فقد أخذت كثير من الحكومات القديمة إلى جانب اعتمادها على ما يفرض على الشعوب المغلوبة من حزبه وعلى عمل الأصدقاء لتظم الضرائب غير المباشرة التي تتكون عناصرها الرئيسية على الرسوم التي تفرض على ثقل ملكية الأرض وعلى المعاملات التجارية المختلفة .
وفي عهد اليهودية الأولى تضمنت تعاليمها بعض النظم والقواعد الخاصة بالفائدة والأجور والضرائب والمواريث إلى جانب تنظيم بقية الشؤون الاقتصادية كالحرف والعمل وما إلى ذلك ..
وفي عهد الإغريق تضمنت كتابات أفلاطون وأرسطو بعض الأفكار الاقتصادية العامة والقليل من التعليقات العرضية إلى المسائل المالية ، ولكن أفكارها الاقتصادية والسياسية بشأن الدولة والملكية لها شأن كبير في تطور الفكر الاقتصادي في العصور اللاحقة وبالتالي تطور الفكر المالي في العصر الحديث.
- وفي عهد الإمبراطورية الرومانية كان تطور الفكر المالي مرتبط أساسا بسيادة النزعة الفردية في هيكل الاقتصاد الروماني التي قامت على أساسها قديما بعد فكرة القانون الطبيعي التي شكلت بدورها الأساس الفكري والقانوني للرأسمالية .
- وفي العصور الوسطى كان النظام الاقتصادي سائدا وكان للكنيسة دور كبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في حين كادت الدولة أن تختفي وتخفي معها النظام المالية التي كانت معروفة من قبل كما تقلص الفكر المالي .
المطلب الثاني : الفكر المالي عند العرب قبل وبعد الإسلام:
- لم يكن للعرب قبل الإسلام نظام مالي لأنهم كانوا يعيشون عيشة قبلية لا اثر لتنظيم الأموال العامة حيث كان بيت مال المسلمين الذي أقامه الخليفة عمر بن الخطاب أشبه بخزينة الدولة العامة أو بوزارة المالية في العصر الحديث .
- كما توخى التشريع الإسلامي في فرض الضرائب مبادئ العدل واليقين والملائمة والاقتصاد وهي نفسها المبادئ التي لم يتوصل إليها العالم إلا بعد اثنا عشر قرنا ، أما في مجال توظيف المال في خدمة المجتمع فقد حارب الإسلام اكتناز المال وأوصى بإنفاقه واستثماره في تنمية ثروة المسلمين وتحقيق العدالة الاجتماعية فيما بينهم .
وقد ظهر هذا كله في العديد من كتابات الفقه الإسلامي لدى أبن مالك في كتاب "الزكاة" وابن يوسف الأحصاري في كتابه الشهير "الخراج" وابن رجب الحنبلي " الاستخراج لأحكام الخراج" وابن خلدون في مقدمته الشهيرة وغيرهم من أعلام الفقه الإسلام والفقه الإسلامي والفكر العربي الإسلامي الذي استندوا في دراساتهم إلى تعاليم الإسلام في أصولها الشرعية بالقرآن الكريم والسنة النبوية من جهة و إلى واقع المجتمع والدولة الإسلامية من جهة أخرى
المطلب الثالث : المالية العامة في أوربا :
وجه الاقتصاديون التقليديون من أنصار المذهب الحر ومن قبلهم الطبيعيون جانبا لا بأس به من اهتماماتهم بدراسة المالية العامة حيث آمنوا بمبدأ ( حيادة السيادة المالية ) وبالتالي حصر دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي في أقل الحدود الممكنة الأمر الذي أفقد عناصر ماليتها كل أثر فعال على الاقتصاد القومي، وقد نتج عن هذا أن اقتصرت النفقات العامة بصفة عامة على ضمان التوازن بين الإيرادات والنفقات أي رفض التقليديون الالتجاء إلى عجز الميزانية بالالتجاء إلى القروض لتغطية النفقات العادية وهكذا فإن توازن الميزانية في الفكر المالي التقليدي أساسه التوازن بين الإيرادات العامة والنفقات العامة وبأي ثمن ، وليس ذلك إلا فكرة منطقية لفكرة حيادة المالية العامة السائدة في الفكر المالي.
- إن أفكار الاقتصاديين التقليدين أفدت تتلاشى تدريجيا بعد أن أثبتت الكساد العالمي الكبير أزمة 1929 عدم تحقيق التوازن الاقتصادي آليا كما أوضع بجلاء الدور الذي يمكن أن تلعبه السياسة المالية في إحداث التوازن ، فقد اتخذت السياسة المالية معنى أوسع من المعنى السابق فلم يعد من الممكن أن تطل هذه السياسة ذات طابع حيادي بل أصبح يقصد بها مجهودات حكومية لتحقيق الاستقرار وتشجيع النشاط الاقتصادي .الذي ينبع من نظرية كينز كثيرا من أفكار الاقتصاديين التقليدين وأشار إلى أن ميزانية الدولة يمثل قطاعا حيويا له أهميته الكبرى وآثاره البالغة على القطاعات الأخرى وأولى بأهمية الدور الذي تلعبه السياسة المالية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وهكذا أ خرج كينز المالية العامة من عزلتها التقليدية عن سائر قطاعات الاقتصاد
المبحث الثالث: مصادر وأدوات وأهداف المالية العامة
المطلب الأول : مصادر المالية العامة
هناك مصادر دستورية ، مصادر تشريعية
المصادر الدستورية : يضع الدستور المبادئ الأساسية للضريبة كما هو مقرر في المادة 04 والتي تنص على مساواة الجميع أمام الضرائب ، المشاركة في الأعباء العامة حسب المقدرة والضريبة محددة بقانون الأعباء المالية من الضرائب والرسوم ويحدد المدة القصوى البرلمان من أجل المصادقة على قانون المالية
كما يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها 75 يوما اعتبارا من تاريخ الإيداع وإذا تجاوز هذه المدة يصدر قانون المالية بأمر من رئيس الجمهورية ( المادة 120) كما ينص على أن التصويت على الميزانية من اختصاص البرلمان المادة 122 كذلك ضمن حسن استعمال الاعتمادات المالية لكل قطاع برقابة البرلمان المادة 160 ورقابة مجلس المحاسبة المادة 170 .
المصادر التشريعية : وتتمثل قوانين المالية المصدر الأكبر إذ تفصل الإيرادات والنفقات لما يشبع الحاجات العامة للمجتمع في كل المجالات وما دامت الحاجات العامة تتقيد في فترات قصيرة ، يصدر قانون المالية كل سنة على أن يليه قانون مالية تكميلي لمواجهة الظروف المتجددة أما عمليات التحصيل والصرف فتكون وفقا للقانون المتعلق بمجلس المحاسبة العمومية المؤرخ في 15 أوت 1990 وثمة مصدر آخر يتعلق بمجلس المحاسبة المذكور لما له من دور فعال في مراقبة أموال الدولة .
المطلب الثاني : أدوات المالية العامة
يعتمد نظام المالية العامة في تحقيق أهدفه على عدة أدوات مالية وهي النفقات والإيرادات والميزانية العامة
النفقات العامة : يقوم النشاط العام من خلال هيئاته (القطاع العام) بتحديد الحاجات العامة ، ولا يمكن للقطاع العام أن يلبي هذه الحاجيات إلا إذا توفرت السلع والخدمات اللازمة ويقوم النشاط العام في مقابل الحصول على هذه السلع والخدمات بتسديد ما يسمى بالنفقات العامة
الإيرادات العامة: أن تغطية النفقات العامة يتطلب إيرادات عامة واهم مصادر الإيرادات العامة :
1. الدخل الحكومي: ويقصد به الممتلكات العقارية والمنقولة المملوكة من طرف الدولة سواء كانت ملكية عامة أو خاصة فهي أ ملاك الدولة ما يخضع للقانون العام مثل الشوارع والحدائق .
وقد كانت أملاك الدولة هي المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة غير أن أهمية هذا العنصر قلت مع التطور الاجتماعي وما تبعه من تطور فري نشاط الدولة إلى الأحكام الخاصة.
2. القروض العامة والإعانات: تتمثل الإعانات الخارجية في الهبات والمساعدات الخارجية التي تتلقاها الدولة من دول أخرى وغير المقيمين في الداخل .
أما القروض العامة فغما أن تكون خارجية تتحصل عليها الدولة من الخارجية أو داخلية تتحصل علي ها من الأفراد في الداخل .
لقد كانت أملاك الدولة هي المصدر الرئيسي للإيرادات العامة غير أن أهمية هذا العنصر قلت مع التطور الاجتماعي وما تبعه من تطور في نشاط الدولة .
الضرائب : تعتبر مصدرا مهما للإيرادات العامة لخزينة الدولة حيث تمثل التحويلات الإجبارية لجزء من المداخيل والثروات الخاصة وما تحقق منفعة عامة.
الميزانية العامة : هي كل خطة مالية تمثل تقريرا مفصلا لنفقات الدولة وإيراداتها مدتها سنة ويصدر سنويا بيئة الموازنة بعد موافقة الهيئة التشريعية عليها وتعتبر بريطانيا أول دولة قامت بتجربة الموازنة لنظامها المالي ولم تقتصر وظيفة الموازنة لتأكيد رقابة السلطات الشعبية على الحسابات العامة فقط ، بل تعدتها لتمثل أداة لتحقيق التشغيل الكامل والاستقرار الاقتصادي وهذا يعني أن الموازنة أو الميزانية تحولت إلى أداة لإدارة الاقتصاد وتوجيهيه ، وعموما لا خلاف بين النظم المالية في هذا الشأن وإنما يقع الخلاف بينهما في تحديد حجم الأدوات المالية أي النفقات العامة والإيرادات العامة وأنواعها والأهمية التي تعطى لكل نوع
فبالنسبة لحجم الأدوات المالية فإنه يختلف من نظام لآخر ومن فترة إلى أخرى (ضمن نفس النظام ) ، فهو أكثر شمولا في النظام الاشتراكي منه في النظام الرأسمالي، كما أنه يختلف من مرحلة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر في هذا النظام ، ففي المنافسة الحرة كان أضيق الحدود ثم ازدادت النفقات والإيرادات العامة كثيرا فيما بعد..
المطلب الثالث : أهداف المالية العامة
من الطبيعي أن يكون للنظام المالي للدولة انعكاسا لنظامها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي حيث أنه يشكل كما أشرنا سابقا جزء منه وهكذا إذن تتحد أهداف النظام المالي بطبيعته وأهداف النظام الاقتصادي للبلد ولهذا تختلف الأهداف المنوط تحقيقها بنظام المالية العامة باختلاف النظم الاقتصادية وبصفة عامة يمكن القول بأن الهدف الضمني للنظام المالي للدول الرأسمالية المتطورة يمثل في بلوغ أقصى مساهمة في الحفاظ على النظام الرأسمالي وتطوره في ظل الصراعات الاجتماعية التي ينطوي علي ها النظام ، ومن هنا يرى أغلب أساتذة المالية العامة في هذه البلدان أن على المالية العامة أن تخدم تحقيق الأهداف التالية:
أ- المحافظة على الاستقرار الاقتصادي
ب- تحقيق العدالة في توزيع الدخل
ت- تحقيق توزيع أمثل للموارد
ث- دعم النمو الاقتصادي
أما الهدف الرئيسي لنظام المالية العامة في ضل الاشتراكية هو تحقيق أقصى مساهمة في إشباع الاحتياجات الاجتماعية وفي انجاز الخطط العامة لتنمية الاقتصاد الوطني وهنا تشكل الخطط المالية جزءا من نظام التخطيط الذي يحكم حياة المجتمع في هذه البلدان .
فيما يخص البلدان النامية فإنه يمكن القول بان الهدف العام يجب أن يتمثل في تحقيق أكبر مساهمة ممكنة في انجاز المهام الكبرى التي تواجه هذه البلدان أي الأهداف التي ترتبط بالخروج من دائرة التخلف والتبعية في أقل زمن ممكن .
المبحث الرابع : السياسة المالية وعلاقة علم المالية بالعلوم الأخرى :
إن السياسة المالية في دراسة تحليلية للنشاط المالي للدولة وتختص هذه الدراسة في توزيع واستخدام الموارد المالية وتستخدم الدولة هذه السياسة لتنفيذ وظائفها وأهدافها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فهي تعتبر عن السياسة العامة للدولة وعلى وجه الخصوص سياستها الاقتصادية التي تتحدد بطبيعة الظروف الداخلية والخارجية للدولة.لذا يعتبر مفهوم (س.م) مفهوما ذو أهمية وهذا بسبب اختلاف أهدافها في المجتمعات .
وتتكون السياسة المالية من فروع تبعا لما تستخدمه من أدوات ولما تسعى إليه من أهداف ففي برنامج تخططه وتنفذه الدولة عن عمد تستخدمه فيها مصادرها الإرادية وبرامجها الاتفاقية
المطلب الأول : دور السياسة المالية في اقتصاديات الدول
1. دورها في الدول الرأسمالية المتقدمة اقتصاديا :
في هذه الدول يقوم القطاع الخاص أساسا بوظيفة الإنتاج أي أن طريقة الإنتاج تعتمد على الملكية الخاصة والعمل المأجور والهدف من الإنتاج هو تحقيق أقصى ربح.
فكان محور اهتمامات السياسة المالية هو العمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسماح لميزانية الدولة بالتقلب تبعا لأوجه الدورة الاقتصادية المختلفة استمدت فكرة السماح للميزانية الدولة بالتقلب من النظرية الكينزية التي مفادها بان ميزانية الدولة تمثل قطاع حيوي له أهمية كبيرة وأثره البالغ على القطاعات الأخرى في الاقتصاد الوطني كما أوضح بأن العبرة ليست بتوازن الميزانية وإنما الاقتصاد الوطني حتى لو اقتضى ذلك إلى عدم توازن الميزانية وباستعمال تقنية العجز المقصود خلال دورة اقتصادية تمتد إلى عدة سنوات ولكن يتعين أن يكون العجز بالقصد الذي يحتاجه الاقتصاد.وقد استعملت هذه الفكرة في الاقتصاديات الرأسمالية خاصة بعد أزمة الكساد عام 1929م التي كان سببها في الاختلال الذي حدث في آلية العرض والطلب بحيث أصبح العرض الكلي أكبر من الطلب الكلي لذا استعملت هذه السياسة لزيادة مستوى الطلب ورفع الإنفاق الكلي حتى يتساوى مع قيمة الإنتاج والذي يتحقق عند مستوى العمالة الكاملة لعوامل الإنتاج ويمكن رفع مستوى الطلب بواسطة السياسة المالية بأكثر من طريقة منها:
أ. زيادة مشتريات الحكومة من السلع والخدمات أي زيادة الإنفاق العام
ب. اتخاذ الخطوات اللازمة لرفع مستوى الإنفاق الخاص وتشجيعه بزيادة الإعانات والتحويلات (كالمنح والعائدات) وتخفيض الضرائب
2.دور السياسة المالية في المجتمعات الاشتراكية:
في هذه المجتمعات يقوم القطاع العام أساسا بوظيفة الإنتاج تعتمد على الملكية العامة لأدوات الإنتاج ، وعلى التخطيط الشامل كأسلوب لإدارة اقتصادها بحيث تستخدم هذا التخطيط لإيجاد التناصف (توازن) بين الموارد لمالية والموارد الإنسانية بحيث توجه هذه الموارد بين مختلف الأنشطة والمجالات وذلك لتحقيق النمو المتوازن لمختلف فروع الاقتصاد الاشتراكي .وتقوم السياسة الاشتراكية بوظيفتين أساسيتين وظيفتي التوزيع :بحيث يتم توزيع الدخل القومي بين مختلف المشروعات وفروع الاقتصاد القومي (توجيه الموارد بين مختلف الاستعمالات) وكذلك توزيع الناتج الاجتماعي بين الناتج الضروري لإشباع الحاجات الجماعية ، ومن خلال المشروعات وفروع الاقتصاد القومي هذه الوظيفة ترتبط المالية العامة للدول الاشتراكية ارتباطا كاملا بالنشاط الاقتصادي للمشروعات الإنتاجية وتضم في إطارها العلاقات الاقتصادية التي تحكم خلف الموارد النقدية وفق الخطة القومية الموضوعة لتوزيع الناتج الاجتماعي والدخل القومي وإعادة التوزيع من دولة إلى أخرى حسب درجة نموها وإلى جانب وظيفتي التوزيع وإعادته توجد وظيفة أخرى وهي وظيفة الرقابة والغششراف المالي .بحيث تستخدم هذه الطريقة كأداة للإشراف على الأنشطة الاقتصادية والمالية للدولة بحيث تحقق هذه الطريقة عملا في اتجاهات
الأول : يتمثل في الرقابة المالية داخل ذاتها وبين مختلف هذه المشروعات.
الثاني : في ميزانية الدول من خلال العمليات المتعلقة بإعدادها وتنفيذها لتقوم بدورها في تحقيق الرقابة على الوحدات الاقتصادية
الثالث : في الاستعانة بنظم الإنسان والتسوية المحاسبية المتعارف عليها في الاقتصاد الاشتراكي .
المطلب الثاني : علاقة علم المالية العامة بالعلوم الأخرى :
تعتبر المالية العامة مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية إذن فمن الطبيعي والمنطقي أن توجد علاقة بين هذه المظاهر وغيره من هذه المظاهر الحياة الاجتماعية من اقتصاد وسياسة واجتماع وقانون ومحاسبة وإحصاء وغيرها ، فالمالية العامة تؤثر في غيرها من مظاهر الحياة الاجتماعية وتتأثر بها لذا وجب علينا أن نعترض للعلاقة التي تربط علم المالية العامة بالعلوم الأخرى .
العلاقة بين علم المالية العامة وعلم الاقتصاد:
إن العلاقة بين علم المالية العامة وعلم الاقتصاد تعتبر من أوثق العلاقات ذلك أن الاقتصاد هو العلم الذي يبحث عن حل المشكلة الاقتصادية التي تتعرض النشاط الاقتصادي ابتداء من الإنتاج حتى توزيع الناتج (مثل كيفية إشباع الحاجات الإنسانية ) فإن علم المالية العامة أو الاقتصاد المالي هو العلم الذي يبحث في إيجاد أفضل الوسائل لإشباع الحاجيات العامة مما يساهم في حل المشكلة الاقتصادية .
2. علاقة علم المالية بعلم السياسة : إن علم السياسة يهتم بدراسة نظم الحكم وعلاقة السلطة العامة ببعضها البعض أما علم المالية العامة فهو يبحث في كيفية سير النفقات والإيرادات ويكون الترابط فيهما متمثل بان الظروف المالية له أثر هام في أوضاع الدولة السياسية لكم من دول فقدت استقلالها السياسي وتعرضت لذنوب الثورات وهذا بسبب اضطراب ماليتها العامة وعدم استقرارها .
3. علاقة علم المالية العامة بعلم الاجتماع: إن العلاقة بين هذين العلمين تتضح في مجال الضرائب إذ يترتب على فرض الضرائب أثار اجتماعية إلى جانب آثارها المالية والاقتصادية تمس طوائف معينة من المواطنين حتى ولو لم يقصد المشرع من فرض الضريبة سوى الحصول على إيرادات الخزينة العامة إلا أن الدولة في كثير من الأحيان تستهدف من خلال الضريبة آثارا اجتماعية مقصودة كتقليل التفاوت بين ثروات الأفراد ودخولهم والضريبة على استهلاك بعض المواد المضرة كالكحول بحيث تساهم في التقليل من استهلاكه والضريبة على أراضي البناء غير المستعملة تهدف إلى تشجيع بناء المساكن وهكذا تتبين العلاقة الوشيكة والتأثير المتبادل بين السياسة المالية وبين الأوضاع الاجتماعية السائدة فيها.
4. علاقة علم المالية العامة بعلم القانون : أما علاقة المالية العامة بعلم القانون فإن مضمونها يبلور لنا معرفة أن القانون هو الأداة التنظيمية التي يلجأ إليها المشرع لوضع القواعد العامة (الملزمة) في مختلف الميادين ومنها الميدان المالي ، فتأخذ مختلف ، عناصر المالية العامة من نفقات وإيرادات وميزانية بشكل قواعد قانونية كالدستور .
فالدستور يتضمن الواعد الأساسية المنظمة لمختلف جوانب المالية العامة والتي يتعين توضع القوانين المالية في حدودها فهو ينظم النفقات العامة والشروط الأساسية لفرض الضرائب وعقد القروض وقواعد إقرار الميزانية أو اعتمادها بواسطة السلطة التشريعية وكيفية مراقبة تنفيذها فميزانية الدول تصدر في أغلب دول العالم من خلال الالتزام بالنصوص الدستورية العامة وهذا لما لها من مضمون مالي يلزم للموافقة عليه وإجازة الالتزام بهذه النصوص
5. علاقة علم المالية العامة بعلم المحاسبة :
إن صلة المالية العامة بالمحاسبة والمراجعة وفنونها من اهتلاك وجرد واحتياطات ومخصصات وعمل الميزانية الختامية والميزانية العمومية للمنشآت التجارية والصناعية وغيرها وتزداد صلة المالية العامة والمحاسبة بازدياد تدخل الدول في الحياة الاقتصادية عن طريق إقامة المشروعات الاقتصادية المختلفة مما يستلزم نشر ميزانية تجارية لهذه المشروعات إلى جانب البيانات المالية الخاصة بها والواردة في ميزانية الدولة .
6. علقة علم المالية العامة بالإحصاء : عن علم المالية العامة يستعين بالإحصاء في التحقق من مسائل كثيرة تدخل في نطاق النشاط المالي للدولة كمستوى الدخل القومي وتوزيع الثروة والدخول بين طبقات المجتمع وعدد السكان وتوزيعهم في المناطق الجغرافية وعلى الحرف المختلفة وحال ميزان المدفوعات وغير ذلك من الإحصاءات التي لا غنى للباحثين في المالية العامة عنها لأهديتها البالغة في دراسة ورسم البيان المالية العامة للدولة.
المطلب الثالث : الفرق بين المالية العامة والمالية الخاصة
يهتم علم المالية العامة بمعالجة الجانب المالي لنشاط الدولة بمختلف مؤسساتها العامة .
أما المالية الخاصة فهي تختص ببحث هذا الجانب من نشاط الأفراد.
أ) الإنفاق : تهدف المؤسسة الخاصة من إنفاقها تحقيق ربح باعتبار أن هذا هو الهدف الرئيسي من نشاط الأفراد
أما الدولة فإنها تهدف من نشاطها تحقيق المنفعة العامة في مقام الأول ، حتى ولو تعارض هذا مع تحقيق أقصى ربح ممكن من هذا النشاط.
بل إن الدولة قد تقوم بمشروع ما رغم أنها تعلم سلفا أن إيراداتها لن تسمح بتغطية نفقاتها ما يترتب عليه خسارة وذلك لكونه يحقق نفعا عاما لمصلحة المجتمع ولتحقيق اعتبارات أخرى بديلة عن الربح قد تكون السياسة اجتماعية واقتصادية.
ويترتب اختلاف الهدف من الإنفاق بين النشاط الخاص والدولة أن يختلف الحكم على مدى نجاح مشاريع الدولة هو تحقيق أقصى منفعة عامة ممكنة .
ب. الإيراد:
تحصل المشاريع الخاصة على إيراداتها بطرق اختيارية أي بالإنفاق عن طريق بيع منتجاتها للدولة أو الأفراد
أما الدولة فإنها تحصل على إيراداتها بموجب ما تتمتع به من سلطات خاصة ناشئة عن حقها في السيادة وباعتبارها سلطة سياسية فيها تستطيع فإنها تستطيع في بعض الأحيان إلى عنصر الأخيار للحصول على إيراداتها كما هو الحال بالنسبة للضرائب أو القروض الإجبارية وذلك يمنعها من استخدام وسائل عادية التي يتبعها القطاع الخاص للحصول على إيراداته.
ج. الميزانية
يوجد فرن من حيث كيفية الوصول إلى موازنة الميزانية لدى الدولة من جهة والمؤسسات الخاصة من جهة.
- فالدولة تقوم بتقدير نفقاتها أولا اللازمة لتسيير المرافق العامة وتحقيق أهداف سياسية و(ا.ق) و(ا.ج) ثم تقوم بإعداد المصادر التي تحصل منها على إيرادات كافية لمواجهة النفقات
- المؤسسات الخاصة تقدر حجم إيرادات أولا من دخول أرباح ثم تحدد أوجه الإنفاق .
د. الأساليب المعتمدة :
يسعى الفرد لتحقيق منفعته الخاصة في إطار الحرية فتلجأ إلى عقود لتحقيق رغباته وتقدر النفقات على أساس إيرادات وإسراف يؤدي إلى اقتراض وإمكانيات في ذلك محدودة
أما الدولة فإن نفقاتها ضرورية لضمان سير المرافق العامة فهي تحدد نفقاتها ونبحث عن وسائل اللازمة لتغطيتها فهي تلجأ إلى طرق عديدة لتعديل إنفاقها تتم عن طريق سلطتها مثل الضريبة
وبالتالي نشاطها يتم في إطار الحرية ، أما نشاط الدولة في عملية حصولها على إيراداتها فأساسه الضرائب
هـ. النظرة المستقبلية :
لا يقدم أفراد في الغالب إلا على أنشطة ذات الربحية السريعة غير بعيدة عن النتائج
تقدم الدولة على مشاريع لا تظهر بجنبها إلا بعد فترة طويلة جدا.
و.الحجم :
حجم مالية الأفراد أقل حجما من مالية الدولة فالدولة تصرف سنويا مليارات الدينارات بصفة نهائية بينما ليس في مقدور مؤسسات خاصة تحمل خسارة ملايين الدينارات وهذا فقط على مستوى محلي لأن بعض مالية الشركات المتعددة الجنسيات تفوق مالية العديد من الدول .
الهدف :
يسعى الفرد لاستخدام مالية لتحقيق ربح فهذا الخير هو محرك نشاط الفرد ولهذا نترك أنشطة الغير مربحة للدولة لأنها لا تهدف لتحقيق الربح بغير ما تسعى لتلبية الحاجات العامة.
القانون :
تخضع مالية الأفراد في تكوينها وفي حريتها إلى قواعد والتزامات القانون الخاص ، بينما المالية العامة تخضع إلى قواعد صارمة هي قواعد القانون العام .
• الفصل الثاني: النفقات العامة( مفهوم النفقات العامة والخاصة، أنواع النفقات العامة، تقسيم النفقات العامة، الآثار الاقتصادية والاجتماعية للنفقات العامة)
المبحث الأول: ماهية النفقة العامة.
المطلب الأول: تعريف النفقة العامة.
يعرف علماء المالية العامة النفقة العامة بأنها << كم فابل للتقويم النقدي يأمر بإنفاقه شخص القانون العام إشباعا لحاجة عامة >> [1]
لكن هناك من يقدم تعريفا آخر و هو أن << النفقة العامة بماثابة مبلغ نقدية يقوم بإنفاقه شخص عام بقصد تحقيق منفعة عامة >> [2]
غير أننا نعتمد التعريف الأول لأن النفقة العامة ليست بالضرورة أن تكون مبلغا نقديا بل يمكن أن تمنح الدولة إعانات عينية.
المطلب الثاني: عناصر النفقة العامة.
ووفق للتعريف الأول فإن عناصر العامة ثلاث وهي كما يلي:
1-النفقة العامة كم قابل للتقوم النقدي:
و يعني ذلكأن النفقة العامة يمكن أن تكون في صورة نقدية أو عينية.
أ-النفقة العامة في صورة نقدية:
لإشباع الحاجات العامة تقوم الدولة بإنفاق أموال نقدية لشراء أو استئجار سلع و خدمات، أو سداد القروض المستحقة أصلا و فائدة، وفي بعض الأحيان تنفق مبالغ نقدية دون الحصول على سلع و خدمات كما في حال منح إعانات نقدية لمستحقيها أو التكفل بمصاريف المنشأت الاساسية للمشاريع الاستثمارية أو تقديم إعانات للدول الاجنبية. [3]
ب-النفقة العامة في صورة عينية:
إذا كان الأصل أن تكون النفقة العامة مبلغا نقديا، إلا أنه لا مانع من أن تكون عينيا في بعض الأحيان، فقد تقوم الدولة بتقدم إعانات عينية للمواطنين في حالات استثنائية بطريق الاستلاء على الوسائل النقل التابعة للخواص. [4]
2-صدور النفقة من شخص معنوي عام:
لكي تكون النفقة عامة يجب أن تصدر من شخص معنوي عام، و الأشخاص المعنوية العامة هي الدولة، الولاية، البلدية، و المؤسسات و الهيئات العامة.
و تبعا لذلك لا يعتبر المال الذي يخرج من ذمة شخص طبيعي نفقة عامة، و إن كان هدفه تحقيق مصلحة عامة كبناء مدرسة أو مستشفى فلابد إذن لإبقاء النفقة عامة لابد أن، تخرج من ذمة شخص معنوي عام بقصد تحقيق مصلحة عامة. [5]
3-تحقيق الإنفاق للمنفعة القصوى للمجتمع:
تستهدف المنفعة العامة أساسا إشباع الحاجات العامة و تحقيق النفع العام و لا يعتبر خروجا عن هذه القاعدة ما تقوم به الدولة في بعض الأحيان من توجيه بعض النفقات العامة - التحويلية - إلى بعض القطاعات الاقتصادية لدعمها أو لرفع مستوى المعيشة لبعض الطبقات في المجتمع من أصحاب الدخول المحدودة ، إذ أن هذه النفقة في النهاية سوف تحقق منفعة عامة منها الاقتصادية و الاجتماعية. [6]
المطلب الثالث: قواعد النفقة العامة.
إن تعريف بالنفقات العامة لا يقف عند حد بيان أركانها بل يتعدى ذلك إلى ضرورة بين القواعد التي تخضع لها هذه النفقات، أي بيان الضوابط التي تحكم الانفاق العام، هذه القواعد كالتالي:
1-قاعدة المنفعة القصوى: تعني قاعدة المنفعة القصوى، أ، تهدف النفقات العامة، إلأى تحقيق أكبر قدر من المنفعة بأقل تكلفة ممكنة، أو تحقيق أكبر رفاهية لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، خاصة أن أحد أركان النفقات العامة هو تحقيق المنفعة العامة.
تلك المنفعة التي تريد الدولة تحقيقها، يجب أن تفهم على نحو يختلف عن المفهوم الضيق للمنفعة عند الأفراد، أي أن فكرة المنفعة بالنسبة لإنفاق الدولة لا تقتصر على الإنتاجية الحدية و الدخل العائد منه، و إنما تتسع لتشمل جميع النفقات التي تؤدي إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للمجتمع ، و زيادة انتاجية الفرد و تحسين جودة الانتاج، و تخفيض الالفاقد من الموارد الاقتصادية الناتجة عن البطاة أو غيرها.
المخاطر التي يتعرض لها الافراد نتيجة التقلبات الحادة في دخولهم، من خلال ما تقدمه من إعانات البطالة و العجز و الشيخوخة، أو يطلق عليه بشكل عام النفقات العامة الاقتصادية و الاجتماعية التي تهدف إلى إعادة توزيع الدخل و الثروة بين الأفراد و الطبقات الأخرى في المجتمع. [ 7]
2-قاعدة الاقتصاد و التبذير:
و المقصود بها الابتعاد عن التبذير و الإسراف و الذي يؤدي إلى ضياع أموال عامة كان من الممكن توجيهها إلى مجالات أخرى أكثر منفعة، بإضافة إلى أن هذه الحالة تضعف الثقة العامة في مالية الدولة و يعطي للمكلفين بدفع الضريبة مبررا للتهرب منها.
ومن و من الطبيعي أن هذه القاعدة ملازمة للقاعدة الأولى فتحقيق أقصى منفعة ممكنة يجب أن يتم بأقل كلفة أي تحقيق أكبر عائد بأقل تكلفة ممكنة.
و من الظاهر التبذير في كثير من الدول و لا سيما النامية منها زيادة عدد الموظفين في الأجهزة الإدارية، و الإسراف في شراء الأجهزة غير ضرورية لمجرد التقليد و المحاكاة و عدم الاستغلال العقلاني لها و الاهتمام بالمظاهر الخارجية، و بذلك فإن قاعدة الاقتصاد تعني الالتزام بسياسة ترشيد الإنفاق، و يتطلب تحقيق هذه القاعدة في الإنفاق العام تعون و تضافر جهود كافة الأجهزة التنفيذية و التشريعية و أحكام الرقابة. [8]
3-قاعدة الموافقة المسبقة من السلطة التشريعية:
و تعني هذه القاعدة ألا يصرف أي مبلغ من الأموال العامة، أو أن يحصل الارتباط بصرفه، إلا إذا سبق ذلك موافقة الجهة المختصة، أي موافقة الجهة المختصة بالتشريع ضمن حدود اختصاصها الزماني و المكاني و بخاصة أن النفقات العامة هي مبالغ ضخمة مخصصة لإشباع الحاجات العامة، و تحقيق المنفعة العامة. [9]
وتظهر أهمية هذه القاعدة، أنها ضرورية لتحقيق القاعدتين السابقتين و هما:
قاعدة المنفعة القصوى و قاعدة الاقتصاد و التبذير و التأكيد من استمرار تحققها من خلال كل ما يتعلق بالنشاط المالي للدولة، وهو يتمثل في احترام الإجراءات القانونية التي تتطلبها التدابير التشريعية السارية، عند أجراء الإنفاق العام بواسطة مختلف أساليب الرقابة المتعارف عليها.
المبحث الثاني: ضوابط تحديد الإنفاق العام الإنفاق العام و أولوياته.
تبينا من تعريف النفقة أن هدفها هو تحقيق النفع العام للمجتمع بإشباع الحاجات العامة، و يحسن عندما تقرر السلطات المختصة القيام بنفقات عامة أن تخضع لضوابط تحديد الانفاق العام قصد اشباع الحاجات العامة بإستخدام أمثل للموارد و ذلك حسب الأولويات.
المطلب الأول: ضوابط تحديد النفقات العامة.
في الواقع من الصعب الوصول إلى ترتيب يبين لنا مفاضلة بين النفقات العامة صالحة لكل زمان و مكان، و لكن يقتضي الأمر النظر إلى ظروف كل دولة على حده ن و أنه إذا كان من العسير تحديد ضوابط نهائية للنفقات العامة إلا أن الظروف السياسية و الاقتصادية السائدة في كل دولة لها تأثير واضح على تحديد حجم و نوع النفقة العامة، سواء على مستوى كل قطاع في الدولة أو على مستوى الدولة ككل، و لكن يمكن القول بأنه يمكن الإسسترشاد في هذا المقام بأساسين هما الناحية السياسية و الناحية المالية.
1-الناحية السياسية: لا شك أن هيئة الحاكمة تقوم بتحديد هذه الحاجات العامة، فتحدد نطاق الإنفاق الحكومي تبعا للمذهب السياسي الذي تعتنقه، و تواجهنا من الحاجة السياسية نظريتان، النظرية الفردية و النظرية لإشتراكية فبالنسبة للأولى نجد بأنها يقتصر دولر الحكومة في نطاق ضيق و تترك الحرية للأفراد لأنهم أقدر من الدولة على تحقيق زيادة الإنتاج و رفاهية المجتمع.
أما بالنسبة للنظرية الثانية فترى على عكس ذلك أن الدولة أكثر كفاية من الفرد في إشباع حاجة المجتمع و رفع مستواه، فتوسع من نشاطها في الحالات المختلفة حتى أنه قد يشغل جميع النواحي الاقتصادية و الاجتماعية. [10]
2-الناحية المالية:
تؤثر الامكانيات الانتاجية على قدرة الدولة في الإنفاق، فالدول التي تتمتع بثروات طبيعية كبيرة مع مستوى عال من الكفاية الإنتاجية تستطيع أن تتوسع في الإنفاق العام بدرجة كبيرة.
أما الدولة التي ليس لديها إلا القليل من الموارد الاقتصادية غير المستغلة و لديها كفاية إنتاجية عالية ينبغي عليها أن تنفق بحذر حتى لا يؤدي التوسع في الإنفاق إلى إرتفاع التضخمي في الأسعار.
و الخلاصة أن الدولة يمكنها التوسع في الإنفاق و فق ظروفها الاقتصادية و فلسفتها السياسية، فهي في زمن السلم أقل منها في زمن الحرب و هي محكومة بحدود معينة بالنسبة لإيراداتها و بالأثار الاقتصادية التي تترتب على طريقة استخدامها للنفقات. [11]
المطلب الثاني أولوية الإنفاق العام.
هنا ك موضوع يثار حول الأولوية في تقدير النفقات أم الإيرادات العامة؟ هنا اختلف كتاب المالية العامة بخصوص تحديد الأسبقية في التقدير، أي هل ثم تقدير النفقات و في ضوء النتائج المترتبة على ذلك توضح تقديرات الإيرادات العامة أم العكس صحيح؟
لقد برز رأيان متناقضان لهذا الخصوص:
1-يرى كتاب المالية التقلديون (الكلاسيكيون) أن الدولة تضع تقديرات نفقاتها من ثم تبحث عن الإيرادات اللازمة لتغطيتها، معتمدة في ذلك على مالها من سلطات واسعة في الحصول على الإرادات مما لديها من أملاك و مؤسسات اقتصادية و امكانياتها في فرض الضرائب و زيادة نسبتها و كذلك الرسوم و غيرها من الإرادات الأخرى.
في حقيقة الأمر يمكن تطبيق هذا المبدأ في ظل المذهب الحر بسبب قلة نفقات الدولة الحارسة. [12]
2-يرى كتاب المالية المحدثون فإن رأيهم يخالف ذاك بينين أنه بعد إشباع دور الدولة في إقتصاد ثم دورها المالي أدى إلى إشباع النفقات العامة بحيث أصبح في غير الممكن أن تحدد النفقات حجم الإيرادات، كما أن قدرة الدولة في الحصول على الإيرادات تحدد بعدة عوامل أهمها:
-ضرورة المحافظة على مستوى معين لمعيشة الأفراد، وعدم إثقالهم بفرض الضرائب.
-مراعاة الظروف الاقتصادية للدولة و أثر السياسة الإيرادية و الإنفاقية على الاقتصاد حيث أن وضع تقديرات النفقات العامة دون أن تكون تقديرات الايرادات العامة واضحة ربما يقود إلى المغالات في تقدير النفقات و ما يترتب على ذلك من تبذير الثروات و ارباك الوضع المالي للدولة
-كما أن زيادة النفقات العامة دون مراعاة الظروف الاقتصادية السائدة، و دون الوقوف على حجم العرض السلعي و الخدمي يقود إلى حالة من التضخم النقدي و ما لهذ الحالة من آثار ضارة على الاقتصاد.
-كذلك ينبغي أن تعطي الأسبقية إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية و الإجتماعية و السياسية حسب اسبقيات تضعها الدولة لتنمية المجتمع و في نفس الوقت تأخذ نظر الاعتبار التنسيق بين متطلبات الأهداف العامة و الإمكانيات المالية للدولة. [13]
المبحث الثالث: تقسيمات النفقات العامة.
تتعدد النفقات العامة و تزداد أنواعها كلما تدخلت الدولة و إتسع نشاطها و تسهيلا لبحثها تقسم إلى أنواع محددة، فهناك نوعين من التقسيمات و هي كالتالي:
المطلب الأول: التقسيمات العلمية.
تتمث التقسيمات العلمية في امكانية تقسيم النفقات من حيث دوريتها إلى نفقات عادية و غير عادية و من حيث وظيفتها و هدفها أو من حيث طبيعتها إلى نفقات إدارية و تحويلية و إستثمارية.
1-تقسيم النفقات العامة وفق لدوريتها: و تنقسم إلى عادية و غير عادية.
أ-النفقات العادية (أي الثابتة): و هي التي تجدد سنويا على أساس معيار تكرارها الدوري ترد في كل ميزانية من مزانيات الدولة العادية كل عام و بطريقة منتظمة كمرتبات الموظفين و نفقات صيانة المباني العامة و الطرق و المواصلات العامة و لا نعني بدورية النفقة تكرارها كل عام في الميزانية بنفس المبلغ.
ب-النفقات غير عادية (المتغيرة) فهي النفقات التي لا تتكرر بصفة دورية كل سنة، كنفقات الحروب و نفقات مكافحة الأوبئة الطارئة (كوباء الكوليرا) و نفقات إيغاثة منكوبي الكوارث الطبيعية كموكبي الزلازل و الفيضانات الغير عادية [14]
2-النفقات الإدارية و الرأس مالية:
إن هذا التقسيم الحديث هو إمتداد لتقسيم القديم نفقات عادية و غير عادية فالنفقات الإدارية هي النفقات اللازمة لسير الإدارات العامة لدولة كرواتب الموظفين و تكلفة الصيانة و نفقات الإدارات اللازمة لتسيير النشاط الحكومي ... إلخ و هي بذلك تقدرب من النفقات العادية.
أما النفقات الرأسمالية فهي تلك النفقات التي تتعلق بثروة الوطنية و الرأسمال القومي مثل نفقات الإنشاء و التعمير و التجهيز و النفقات الاستثمارية و هذه النفقات و إن كانت تتصل بالمفهوم القديم (النفقات الغير عادية) و لكنها لم تعد تعتبر نفقات استثنائية غير طبيعية، و النفقات الاستثنائية في الوقت الحالي هي التي تتعلق بحروب و الفيضانات و الزلازل و غيرها. [15]
3-تقسيم النفقات وفقا لأثرها الاقتصادي:
حيث تتمثل في النفقات الفعلية (الحقيقية) و أخرى ناقلة (تحويلية)
أ-النفقات الحقيقية (الفعلية): و هي التي تنفقها الدولة من أجل الحصول على السلع و الخدمات اللازمة لتسيير المصالح العامة مثل رواتب الموظفين و مستخدمي الدولة و شراء الأجهزة و الفوائد التي تدفعها على القروض العامة.
ب-النفقات التحويلية (الناقلة): و هي التي تنفقها الدولة دون مقابل أي دون الحصول على أية سلعة أو خدمة ... وكل ما تبغيه الدولة من هذه النفقات هو إعادة توزيع الدخل و الثروة بحيث تأخذ المال من البعض لتوزيعه على البعض الأخر دون مقابل و تشمل مثل هذه النفقات الإعانات بمختلف أنواعها (المساعدات الإجتماعية، الضمان الإجتماعي، التأمين ضد الشيخوخة و البطالة، المساعدات الإقتصادية على إختلافها، الإعانات الخيرية و الثقافية ... إلخ) وفوائد و أقساط الدين العام. [16]
4-النفقات العامة التي لها أغراض متنوعة:
إن للنفقات العامة أغراض اقتصادية و أخرى اجتماعية و سياسية و إدارية و مالية و عسكرية، تسعى الدولة بالانفاق العام على هذه الأغراض و يذهب بعض علماء المالية العامة إلى تقسيم النفقات العامة إلى نفقات اقتصادية و يقصدون بها نفقات الأشغال العامة و التوريدات و الإعانات و تشمل المساعدات و الخدمات الاجتماعية المختلفة من صحية و تعليمية و غيرها و نفقات مالية و تشمل أقسامها استهلاك الدين العام و فوائده السنوية و نفقات عسكرية و تشمل نفقات التسليح و قوات المسلحة بوجه عام.
و يتجه بعض العلماء خاصة الأوروبيين إلى تقسيم النفقات العامة إلى نفقات عامة يقتضيها الأمن العام، و النفقات التي تهدف إلى الرخاء العام، فنفقات الأمن العام هي النفقات العسكرية اللازمة لدفاع و النفقات الأخرى اللازمة لمرفق الشرطة و مرفق القضاء أما نفقات الرخاء العام فهي جميع النفقات التي تنفقها الدولة على الصحة العامة و الشؤون الثقافية و الاجتماعية و الصحية [17]
المطلب الثاني: التقسيم الوصفي لنفقات العامة.
تختلف التقسيمات الوضعية عن التقسيمات العلمية لأنها غالبا ما ترجع إلى ظروف تاريخية و اعتبارات إدارية تهدف إلى تحديد المبالغ التي تحصل عليها الوزارات المختلفة و يلاحظ أن الاتجاه الحديث يميل إلى التوفيق بين التقسيمات العلمية و الاعتبارات الإدارية.
ففي انجلترا مثلا يميزون بين النفقات العامة ذات الإعتماد الدائم، و هي تلك النفقات التي لا يتجدد الإذن بها من البرلمان سنويا، إذ تقدر بمقتضى قوانين لها صيغة الدوام و الاستمرارية إلا أن يرغب البرلمان في تعديلها، و تشمل مخصصات الملك و بعض المرتبات كمرتب رئيس مجلس العموم، و بين النفقات العامة ذات الإعتماد المتجدد، و هي النفقات التي يجب عرضها على البرلمان للإذن بها سنويا، و تنقسم هذه النفقات إلى عدة أقسام طبقا لموضوع النفقة (الجيش، البحرية، الطياران، المصالح المدنية ...)
و تقسيم النفقات بهذا الوضع ييسر دراسة و معرفة اتجاهات النفقات العامة لكنه مع ذلك تقسيم منتقد لأنه يفصل بين نفقات تتفق في الموضوع و الطبيعة كالمرتبات.
• الفصل الثالث: الإيرادات العامة( مفهوم الإيرادات العامة، أنواع الإيرادات العامة، مصادر الإيرادات)
الفصل الأول: ماهية الإيرادات العامة
المبحث الأول: التطور التاريخي الإيراد
المطلب الأول: كيفية تطور الإيراد عبر التاريخ
بالعودة إلى التاريخ المالي يستطيع الباحث أن يستخلص ملاحظتين الأولى هي أن الإيرادات العامة تطورت حجما ونوعا والثانية إن الزيادة التي طرأت على الإنفاق شكلت العامل الأساسي الذي حتم البحث عن الزيادة في الإيرادات العامة.
و لقد تمثلت هذه الإيرادات خلال العصور الوسطى وفي بداية العصور الحديثة فيما ينجم عن أملاك الدولة وكانت هذه الأموال تختلط بأملاك الملك على مستوى الدولة .أو بأملاك الأمير على مستوى المقاطعة .وذلك لان الملوك كانوا قد تنازلوا لأمراء الإقطاع عن حق فرض الضريبة.الأمر الذي استلزم اعتماد الدولة و بصورة أساسية على مواردها من أملاكها.
إلا أن السلطة المركزية عادت و استردت في بداية العصور الحديثة ما كانت قد تنازلت عنه لأمراء الإقطاع من حيث فرض الضرائب.فكلما زادت نفقات القصور تبعتها زيادة فرض الضرائب.
وقد جاءت بعد ذلك الحروب لتزيد في قوة الضغط على الدولة التي أصبحت نفقاتها الحربية اكبر من مواردها فاضطرت للبحث عن موارد أخرى تمثلت في القروض ومن بعدها الإصدار النقدي الجديد وفي خطوات لاحقة بدأت الدولة توسع نشاطها و أملاكها بسبب التيار الاشتراكي وقوته من جهة والتوسع في سياسات التامين من جهة أخرى. (1)
ا لمطلب الثاني: مفهوم الإيراد العام
الإيراد العام هو عبارة عن جميع الأموال العينية والنقدية والعقارية التي ترد إلى الخزينة
العمومية للدولة واللازمة لتغطية النفقات العامة.حيث ازدادت أهمية الإيرادات العامة في الوقت الحالي ويرجع ذلك إلى سببين أساسين هما: -إن الغاية من الإيراد العام لم تعد جمع المال فقط بل هي تأثر على الحياة العامة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعيةالى جانب غرضها المالي أما السبب الثاني يكمن في أن وظائف الدولة قد ازدادت فتطور بدلك حجم النفقات العامة الأخرى. (1) - د.يونس احمد بطريق - في اقتصاديات المالية العامة - الدار الجامعة 1986 م - ص 43
* 1 *
المبحث الثاني: أقسام الإيرادات العامة
المطلب الأول: معايير تقسيم الإيرادات
لقد تعددت الآراء بصدد تصنيف الإيرادات. وان اتفقت على ثنائية تصنيفها اختلفت تقسيماتها إن الدراسة المثلى لأنواع ومصادر الإيرادات العامة تستلزم تقسيمها وفقا لطبيعتها وهوما اوجب اتخادعدة معايير لتقسيمها وأهمها ما يلي:
(ا) مصدر الإيرادات العامة.
(ب) سلطة الدولة في الحصول على الإيرادات.
(ج) مدى الشبه مع إيرادات القطاع الخاص.
(د) مدى دورية الإيرادات العامة (02)
المطلب الثاني: دراسة معايير التقسيم.
يمكن تقديم الدراسة الخاصة بالمعايير كما يلي:
(ا) مصدر الإيرادات العامة: إيرادات أصلية و إيرادات مشتقة.
* = الإيرادات الأصلية والمقصود بها تلك الإيرادات التي تحصل عليها الدولة من أملاكها (الدومين العام).
* = الإيرادات المشتقة و المقصود بها تلك الإيرادات التي تحصل عليها الدولة عن طريق اقتطاع جزء من ثروات الآخرين وهذا يعني انه كل ما تحصل عليه الدولة من إيرادات غيرالايراد العام.
(ب) - سلطة الدولة في الحصول على الإيرادات العامة: إيرادات جبرية و غير جبرية
* = الإيرادات الجبرية و المقصود بها تلك الإيرادات التي تحصل عليها الدولة بإكراه وقوة باستخدام سلطتها.
* الإيرادات الغير جبرية = المقصود بها تلك الإيرادات التي لا تحصل عليها الدولة بقوة و إكراه.
(ج) مدى الشبه مع إيرادات القطاع العام: إيرادات الاقتصاد العام وشبيهة بالاقتصاد العام. (02) - د .يونس احمد بطريق -مرجع سابق، ص 446 ص47-ص -48.
* 02 *
-إيرادات الاقتصاد العام = هي الإيرادات التي تعتمد على السلطة السيادية للدولة لدا تسمى أيضا "الإيرادات السيادية" و هي (الضرائب'الرسوم'الإصدار النقدي الجديد "الغرامات'استيلاء الدولة على الأملاك التي لا وارث لها.
-إيرادات شبيهة بالاقتصاد العام = فهي تسمى "إيرادات اقتصادية" هي مماثلة لإيرادات أشخاص القانون الخاص.مثل (دخل المشروعات العامة-القروض-الإعانات).
(د) مدى دورية الإيرادات العامة: إيرادات دورية وإيرادات استثنائية.
* الإيرادات الدورية = هي الإيرادات العادية التي تحصل عليها الدولة بصفة منتظمة ودورية وهي دخل أملاكها من الدومين العام والضرائب و الرسوم.
* الإيرادات الاستثنائية = هي الإيرادات التي لا تحصل عليها الدولة بصفة منتظمة و هي القروض و الإصدار النقدي الجديد. (3)
(03) - د. يونس احمد بطريق-مرجع سابق ص -48.
* 03 *
الفصل الثاني: مصادرالايرادات العامة الأخرى
المبحث الأول: الإيرادات العامة الخاصة بممتلكات الدولة و خدماتها.
المطلب الأول: الدومين العام والدومين الخاص.
نقصد بإيرادات الدومين أو إيرادات ممتلكات الدولة هي جميع الامواال التي تدخل إلى الخزينة جراء الاستثمارات وينقسم إلى قسمين:
(ا) -الدومين العام = هو مجموع العناصر التي تملكها الدولة و تخضع للقانون العام أي الهدف منه تحقيق المصلحة العامة و المنفعة العامة و لا يمكن للدولة أن تتصرف فيها بحرية أي لا يمكن بيعها أو التنازل عنها وهدا لوجود النفع المسبق.
ينقسم الدومين العام إلى قسمين: طبيعي واصطناعي.
* = الدومين الطبيعي وهو كل ما لم يتدخل الإنسان في بنائه أو تشييده مثل (المحميات الطبيعية-الغابات-الإقليم الجوي والبحري .........)
* = الدومين الاصطناعي وهو مجموع العناصر المملوكة من طرف الدولة والتي شيدها الإنسان مثل (الطرقات - الموانئ - الجسور - المتاحف .........)
(ب) -الدومين الخاص = هو مجموع ممتلكات الدولة التي تخضع للقانون الخاص و هو القانون التجاري. فهنا الدولة تتصرف كما الأشخاص أي يمكنها أن تبيع وتشتري أملاكها الخاصة أو أن تتنازل عنها.
ينقسم الدومين الخاص إلى 3 أقسام: العقاري-التجاري والصناعي-المالي.
* = الدومين العقاري هو تلك الإيرادات الناجمة عن ملكية الدولة للمناجم والغابات والأبنية حيث بإمكان الدولة الاستفادة منها إما بتاجيرالمباني أو زرع الأراضي.
* الدومين الصناعي والتجاري = هو مجموع المؤسسات التي تمتلكها الدولة بهدف تحقيق المنفعة والربح حيث أن الدومين التجاري يعبر عن عملية البيع والشراء والدومين الصناعي يعبر عن عملية الإنتاج.
إن الهدف من الدومين الدومين الصناعي والتجاري هو تحقيق المصلحة العامة و بأسعار معقولة. فالدومين الصناعي يعتمد على المؤسسات التي لديها التكنولوجية الحديثة وتتمثل إيراداته في مجموعة المبيعات الموفرة من طرف المؤسسة.
* = الدومين المالي هو احدث شكل للدومين نقصد به "المحفظة المالية" أي مجموع الأسهم والسندات التي تمتلكها الدولة. أن إيرادات الدومين المالي هي مجموع المبالغ التي تتحصل عليها الدولة جراء استغلال تلك الأسهم والسندات. (01)
(01) - مذكرة حول الإيرادات الجبائية للدولة -جامعة سعد دحلب -البليدة - 2002/2003 .ص 9 ص 10.
* 04 *
المطلب الثاني: الرسم وخصائصه والثمن العام.
* = الرسم وخصائصه يمكن تعريف الرسم بأنه عبارة عن مبلغ من النقود يدفعه الفرد جبرا إلى الدولة مقابل نفع خاص يحصل عليه من جانب إحدى الهيئات العامة.
ويقترن هذا النفع الخاص بالنفع العام الذي يعود على المجتمع كله من تنظيم العلاقات بين الهيئات العامة والأفراد فيما يتعلق بأداء النشاط أو الخدمات العامة.
ومن هذا التعريف المتقدم للرسم يتضح لنا أن للرسم 4 خصائص هامة تحدد ذاتيته:
1) الصفة النقدية = ولا تحتاج هذه الصفة إلى إيضاح كثير "فالرسم مبلغ نقدي يدفعه الفرد مقابل الحصول على خدمة خاصة من نشاط إحدى الهيئات العامة و يساير الأوضاع الاقتصادية العامة التي تقوم على استخدام النقود في التعامل والمبادلات وتقييم الأشياء فضلاعن انه يتفق مع التطور الحديث في المالية العامة للدولة من حيث تحصيل إيراداتها في صورة نقود. ولهذا أصبح من غير المعقول دفع الرسم في صورة عينية أو بالاشتغال فترة زمنية معينة لصالح الإدارة.
2) طابع الإلزام أو الجبر في الرسم = قد يبدو من أول قراءة لتعريف الرسم انه اختياري إذ لا يدفع إلا إذا طلب الفرد الخدمة والاختيار هنا ظاهري في الحقيقة لان الفرد ليس حرا إذ لا يستطيع إلا أن يطلب الخدمة وإلا عرض مصالحه للضياع أو نفسه للعقاب أو حرمها من ميزة معينة. ويبدو عنصر الجبر واضحا في استقلال الدولة بوضع نظامه القانوني من حيث تحديد مقداره وطريقة تحصيله وغير ذلك. و يمكن التفرقة فيما يتعلق بعنصر الجبر أو الإكراه بين "الإكراه القانوني" و "الإكراه المعنوي". فيقصد بالأول حالة ما إذا كان الفرد مجبرا على تلقي الخدمة ودفع الرسم المفروض على أدائها (كما في حالة التعليم الإلزامي) .ولكن الغالب أن يكون الإكراه معنوي أي أن الفرد يطلب من تلقاء نفسه الخدمة من الدولة دون أن يلزمه القانون بذلك ومن الأمثلة (رسوم الدراسة في مرحلة التعليم الجامعي).
3) عنصر المقابل (المنفعة الخاصة) في دفع الرسم = فالرسم يدفعه الفرد مقابل خدمة خاصة يتحصل عليها من جانب الدولة. وقد تكون هذه الخدمة عمل تتولاه إحدى الهيئات العامة لصالح الفرد (كالفصل في المنازعات "رسم قضائي") أو (توثيق العهود وشهرها "رسوم التوثيق والشهر") أو غير ذلك من الأمثلة التي يحق للفرد نفع خاص من طلب الخدمة. (02)
04) تحقيق النفع العام إلى جانب النفع الخاص = ويعني هذا أن الفرد الذي يدفع الرسم يحصل على نفع خاص هبه الذي تقدمه له الهيئات العامة للدولة.كما يعني أن هذه الخدمة تمثل إلى جانب النفع الخاص نفعا عاما يعود على المجتمع ككل أو على
(02) طارق الحاج- في المالية العامة - دار النهار للنشر والتوزيع والطبع- عمان -1949 م ص 187/188
* 05 *
الاقتصاد القومي في المجموعة ككل .فالرسوم القضائية مثلا يلتزم بدفعها رافعوا الدعاوي أمام القضاء مقابل تمكنهم من استصدار الأحكام التي تضمن لهم حقوقهم المتنازع فيها. ويمكن أن نقيس على ذلك المنافع الخاصة التي تعود على الأفراد مقابل دفع الرسوم الخاصة بالتطعيم أو التعليم والتي تقترن بالمنافع العامة التي تعود على المجتمع من نشاط المرافق العامة للصحة والتعليم.
* لقد كان للرسم فيما مضى وعلى الأخص في العصور الوسطى دورا كبيرا في المالية العامة مما يجعلها أكثر موارد الدولة إنتاجا من بعد الدومين و يرجع ذلك لسهولة فرضها. إذ لم تكن في ذلك الوقت بحاجة لموافقة النواب. إلا أن دورها تراجع كإيراد مالي إلا بالنسبة للهيئات العامة المحلية وذلك لتدخل الدولة لتحقيق الصالح العام فحددت قانون معين للرسم. (2)
* = * الثمن العام هو المقابل الذي تنقضاه الدولة نظير قيامها بإنتاج أو بيع السلع والخدمات الزراعية والصناعية و المالية بهدف إشباع الحاجات الخاصة.
أسس تحديد الثمن العام هي =
· الهدف الذي من اجله تقرر الدولة الدخول في مجال إنتاج السلع.
· درجة المنافسة التي تسمح الحكومة استمرارها بعد دخولها مجال إنتاج السلع.
* المقارنة بين الرسم و الثمن العام * من دراستنا السابقة للرسم والثمن العام نجد أن كلاهما يعد إيراد عام تحصله الدولة و تعتمد عليه في تغطية النفقات العامة التي تقوم بها. ولكن الفن المالي في كل منهما يختلف يختلف عن الأخر وقبل آن نتطرق لأوجه الاختلاف بينهما يستحسن أن نقف عند أوجه التشابه أولا.
-أوجه التشابه = * كلا منهما يدفع في سبيل الحصول على نفع خاص. يتمثل في الخدمة التي تقدمها المرافق العامة للدولة للفرد في حالة الرسم و على السلع والخدمات في حالة الثمن العام.
* كل منهما يكون مساويا لتكاليف الخدمة المستهلكة أو اكبر أو اقل.
* الاعتبارات التي تجعل الدولة تفرض الرسم هي نفسها التي تفرض على أساسها الثمن العام.
* كل منهما يتضمن ضريبة مستترة أو مقنعة في حالة زيادته زيادة كبيرة عن تكلفة الخدمة. (03)
-أوجه الاختلاف = * الثمن العام يدفع مقابل الحصول على النفع من السلع والخدمات التي تبيعها الدولة. بينما الرسم يدفع مقابل نفع عام مقترن بنفع خاص.
* الثمن العام يتحدد طبقا لقانوني العرض والطلب في ظل قيام المنافسة الكاملة بين مشروعات الدولة ومشروعات الأفراد. وأما الرسم فيتحدد طبقا على القانون أو
(02) طارق الحاج - مرجع سابق- ص 189
(03) مصطفى حسين سليمان- دراسات في الاقتصاد المالي- دار الجامعة الجديدة- 1990 م-ص 113.
* 06 *
القرار الإداري الذي يصدر في شانه.
* الثمن العام يدفع اختياري من طرف مشتري السلعة بينما الرسم يدفع جبرا. (03)
المبحث الثاني: الإيرادات العامة الخاصة بالدولة الإسلامية والغير جبرية.
المطلب الأول = الزكاة.
* كلمة الزكاة تعني في اللغة التطهيراوالزيادة. فدفع زكاة رأسمال يعني دفع فائض رأس المال أو زيادته و هي اقتطاع جبري حولي وعيني على الأشخاص و اعتبرت كحق ودين للدولة على الأفراد بهدف الحد من سلطة البورجوازية وفرضت على أصناف 3 = * = المحاصيل الزراعية فحسب التشريع هي النصف أو العشر. * = الأغنام وهي تختلف باختلاف الأنواع. * رؤوس الأموال المتداولة = فنسبة الزكاة في الدراهم الفضية والذهبية هي 5. 2 بالمئة.
-إن الزكاة كانت تعد إيراد بأكبر نسبة للدولة الإسلامية. (04)
المطلب الثاني = الفيء والغنائم.
الغنائم = الأصل في الغنيمة أنها غنيمة الحرب أو ما يستولى عليه المسلمين من غنائم (ارض - سلاح - سبايا - مال .......) نتيجة انتصارهم على العدو والثابت أن آية الغنائم قد نزلت بعد قتال بدر ..
الفيء = فهو كل ما يحصل عليه المسلمين من غير قتال أو قهر. وقد كان منها في القديم آيات الدولة الإسلامية منها فدك و أموال بني النضير خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهنا يتضح لنا أساس التفرقة بين الغنيمة والفيء كمصدرين لإيرادات الدولة الإسلامية. فنقتصر الغنيمة على مااستولى عليه المسلمين بالقتال والحرب ونختص بان الفيء هو ما حصل عليه المسلمين من غير قتال أو مشقة أو هو ما اخذ صلحا حتى انه يدخل في أموال الفيء الهدايا والجزية والعشور والخراج.
ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن الغنيمة و الفيء كمصدرين لإيرادات الدولة قد اضمحلت أهميتهما في الأزمنة المعاصرة. (04)
(03) د.فوزي عطوى -المالية العامة - منشورات الحلبي الحقوقية- لبنان- 2003 126 ص.
(04) د. حامد عبد المجيد دراز و سميرة أيوب إبراهيم-مبادئ المالية العامة -الدار الجامعة الإسكندرية-2003 ص ص 227 228.
* 07 *
المطلب الثالث = الهبات والهدايا.
* هي المبالغ المالية التي تتلقاها الحكومات من حين لآخر على شكل تبرعات من مواطنيها أي داخل الوطن أو من الخارج. تساهم في تمويل النفقات و من الطبيعي أن تتميز الهبات والهدايا بظالة الحصيلة و عدم ضمان دوريته لأنها غير جبرية وهذا الأمر الذي يجعل من الصعب الاستناد إليها كمصدر من المصادر الأصلية في تمويل النفقات العامة وهذا لا ينفي قيام حصيلة التبرعات والهدايا بدور ها م في تغطيت جانب كبير من النفقات كبناء المستشفيات والمساجد ...... الخ أي تساهم في تغطيت النفقات.
المطلب الرابع = المنح والإعانات الأجنبية.
* هي عبارة عن المساعدات التي تتلقاها بعض الحكومات وخاصة دول العالم الثالث
من حين لأخر من طرف الدول الأجنبية و تتخذ المنح الأجنبية و الإعانات أشكال متعددة. فقد تكون نقدية في صورة عملات قابلة للتحويل أو قد تكون عينية في صورة سلع استهلاكية وإنتاجية. وقد تأتي المنحة في صورة خدمات متمثلة في الإيفاد بخبراء أو فنيين أو مدربين ممثلين من طرف الدولة المانحة للدولة الممنوحة.
ورغم أن المنح والإعانات تمثل للدولة الممنوحة مصدرا من مصادر الإيرادات
إلا أنها لا يمكن أن تعتمد عليه وذلك راجع لكونها غير دورية وغير جبرية وكذلك العلاقات السياسية بين الدول التي تلعب دورا رئيسيا في تحديد حجم ومقدار هذه الإعانات. (04)
(04) - د.حامد عبد المجيد دراز و سميرة إبراهيم أيوب - مرجع سابق - ص 229.
* 08 *
المبحث الثالث = الإيرادات العامة الأخرى الجبرية.
المطلب الأول = الغرامات.
* هي مجموع المبالغ التي تتحصل عليها الدولة من الأشخاص الذين يخالفون قواعد القانون العام المفروض بصفة إجبارية من طرف الدولة.
كمخالفة قواعد المرور ويكون دفع الغرامة بصورة إجبارية. أي عند مخالفة الفرد لقواعد القانون العام تقوم الدولة بفرض غرامة عليه وذلك بتطبيقها لسلطتها السيادية وتكون الغرامة بصفة نهائية.
المطلب الثاني = اليانصيب العام.
* يرى بعض علماء المالية إن حصيلة اليانصيب العام من أحسن المصادر لتمويل النفقات العامة واقلها عبئا حيث أن الكثير من الأفراد يميلون بطبيعتهم إلى المراهنة و العاب اليانصيب العام. ومادام كذلك فالدولة تصدر أوراق اليانصيب العام و تحصل بذلك على أموال كبيرة تكفيها لتغطية نفقاتها العامة و تمويلها.
ولكن الدول الإسلامية لم تقتبس هذا النظام و هذا لتحريمه من طرف العلماء المسلمين. فهو مستبعد من إيرادات الدولة الإسلامية.
المطلب الثالث = الإصدار النقدي الجديد.
* قد تلجا الدولة لتمويل نفقاتها العامة من طريق طبع ما تحتاج إليه من الأوراق النقدية فالدولة بما لها من سلطة السيادة تستطيع أن تطبع ما تحتاج إليه من الأوراق النقدية و التحكم في إصدارها و كذلك تستطيع إعطاءها قوة إبراء الديون. (04 ') (04' ) - د. حامد عبد المجيد دراز و د. سميرة إبراهيم أيوب - مرجع سابق - ص ص 225 228.
* 09
المطلب الرابع = الاتوات.
* هي مبلغ من المال تحدده الدولة و يدفعه الإفراد ملاك العقارات نتيجة ا و نظير عمل قصد به المصلحة العامة فعاد عليهم بعلاوة أي بمنفعة خاصة تتمثل في ارتفاع قيمة عقاراتهم.
و قد يبدو للقارئ سهولة الخلط بين الرسم و الاتاوة باعتباران كلا منهما مقابل خدمة أو عمل عام عاد على الفرد بمنفعة خاصة و في نفس الوقت عاد على المجتمع بمنفعة عامة إلا أن هناك الكثير من الاختلافات بينهما =
· الرسم يدفع بصورة متكررة في حين أن الاتاوة تفرض مرة واحدة.
· درجة الإكراه في الاتاوة تفوق درجة الإكراه في الرسم.
· الرسم يدفع نظير خدمة عامة بينما الاتاوة تدفع نظير عمل عام.
· الاتاوة تفرض على بعض الأفراد ملاك العقارات بينما الرسم يفرض على أي فرد. (05 ')
* - * = الإيرادات النظامية
هي مجموع الأموال التي تحصل عليها الدولة من طرف الأشخاص المقيمين داخل الوطن ولا يحملون الجنسية الوطنية. و ذلك نتيجة حصولهم على خدمات معينة كخدمة أل تأشيرة. (06)
(05 ') د. حامد عبد المجيد دراز و سميرة إبراهيم أيوب - مرجع سابق- ص 127.
(06) ا. بن براهم - محاضرة- جامعة سعد دحلب - البليدة- 2008
• الفصل الرابع: الميزانية العامة وأصولها العلمية (مبادئ الميزانية العامة، إعداد وتنفيذ الميزانية العامة والتوازن الاقتصادي والاجتماعي)
إن موضوع المالية العامة ذا أهمية كبيرة. فهو يختص بدراسة المال العام بكل جوانبه من أين يحصل، كيف يحصل، أين ينفق و كيف؟ ومن هنا تبرز أهمية هذا العلم في
الاقتصاد فأساس تطور المجتمع اقتصاديا و اجتماعيا مرتكز على مدى فعالية السياسات الاقتصادية و منها السياسات الماليةالتي تعنى عناية بالغة بتحقيق الرفاهية الاقتصادية للمواطن.
و في بحثنا هذا تطرقنا إلى الميزانية العامة للغموض الذي ينطوي عليه هذا الموضوع لكثرة استعماله دون الوقوف على حقيقته و اختلاف استعماله بين الدول و مدى أثره على الاقتصاد.
ويمكن صياغة إشكالية هذا البحث في التساؤلات التالية:
*من أين تحصل الدولة على إراداتها؟
*كيف تنفق أموالها؟
*كيف يتم إنجاز الميزانية العامة؟
الفصل الأول:ماهية الميزانية العامة:
المبحث الأول: تعريفات الميزانية العامة:
الميزانية وثيقة مصدق عليها من السلطة التشريعية المختصة، تحدد نفقات الدولة و إراداتها خلال فترة زمنية متصلة و نستنتج من هذا التعريف الآتي:
* إن الميزانية وثيقة مصدق عليها من السلطة التشريعية المختصة، و معنى هذا أنه قبل التصديق كانت في حكم المشروع، و بعد تصديق السلطة التشريعية المختصة نصبح في حكم القانون الذي يحول للسلطة التنفيذية تحصيل الإرادات و جباية الضرائب بالشكل الذي ورد بالميزانية.
* تحدد نفقات و إرادات الدولة، أي بيان مفصل لما تعتزم الدولة على إنفاقه و بيان مفصل عن الإيرادات اللازمة لتغطية الإنفاق و مصادر الحصول عليها، بذلك تحدد الميزانية بوضوح السياسة المالية للدولة و مشروعاتها.
* خلال فترة زمنية متصلة، و جرت العادة على أن تكون هذه الفترة محددة بسنة و قد يحدث في بعض الأحيان أن تكون أقل أو أكثر من سنة و ذلك في حالة إرادة تغيير موعد بدء السنة المالية.
فالقاعدة عموما هي مدة سنة و هذا ما يميزها عن الحساب الختامي الذي يعبر عن إيرادات و مصروفات الدولة خلال السنة المنتهية.
و أيضا يمكن تعريف الميزانية العامة من خلال الآتي:
* يعرفها المفكر باسل في كتابه ميزانية الدولة على أنها عبارة عن أداة من خلالها تقوم الحكومة باقتطاع و توزيع جزء من الثروة المنشأة من الاقتصاد بغية تحقيق سياستها الاقتصادية و الاجتماعية بينما تعرفها بعض التشريعات القانونية على النحو التالي:
1*القانون الفرنسي: الموازنة هي الصيغة التشريعية التي تقدر بموجبها أعباء الدولة و إراداتها و يؤذن بها، و يقررها البرلمان في قانون الميزانية التي يعبر عن أهداف الحكومة. 2*القانون الجزائري: تتشكل الميزانية العامة للدولة من الإيرادات و النفقات المحددة سنويا كموجب قانون و الموزعة وفقا للأحكام التشريعية المعمول بها.
المبحث الثاني:خصائص الميزانية العامة.
تتصف الموازنة بعدد من الخصائص و الصفات التي تتلخص بكونها تقديرية، و بكونها تتضمن الإجازة بالجباية و الإنفاق، فضلا عن تحديدها الزمني، و إيلائها الأولوية للنفقات على الإيرادات و هو ما نفصله فيما يلي:
*إن للموازنة صفة تقديرية لأنها تحضر لسنة مقبلة و تحضيرها يجري عادة في أواسط السنة السابقة و لذلك يصعب تحديد ما سوف يبذل من نفقات أو ما سوف يجنى من واردات بصورة دقيقة أو شبه دقيقة.
*و للموازنة صفة تقديرية لكونها تنطوي من جهة على موافقة السلطة التشريعية (البرلمان) على تقدير مجموع النفقات و الواردات السنوية،و تنطوي من جهة ثانية على إذن تلك السلطة للسلطة التنفيذية بالإنفاق في حدود تلك الاعتمادات المقدرة. و الحقيقة أن الصفة القانونية للميزانية هي صفة شكلية لكونها مستمدة من السلطة التشريعية لكنها من حيث الموضوع. لا تعتبر قانونا لأن القانون بهذا المعنى ينطوي على قواعد دائمة.
*و للموازنة صفة الإجازة بالجباية و الإنفاق و ذلك أن تصديق السلطة التشريعية على تقديرات النفقات و الإيرادات كما وردت في مشروع الميزانية المعدل من قبل السلطة التنفيذية لا يعطي الموازنة قوة النشاط ما لم تشمل التصديق أيضا الإجازة للسلطة التنفيذية بجباية الموارد و الإنفاق على الأعباء العامة.
*و للموازنة صفة التحديد الزمني السنوي و هو ما نعرفه عموما باسم سنوية الموازنة لأنها توضع عادة لمدة سنة.و بالتالي موافقة السلطة التشريعية عليها تقترن بمدة السنة ذاتها.و الباحثون في المالية العامة متفقون على أن هذا التدبير هو تدبير سليم و موفق. فلو وضعت الموازنة لأكثر من سنة لكان من العسير التنبؤ ولو أن الميزانية وضعت لأقل من سنة لكانت الإيرادات تختلف في كل ميزانية و ذلك تبعا لاختلاف المواسم و تباين المحاصيل الزراعية.
*و للموازنة صفة إيلاء الأولوية للنفقات على الإيرادات: و هذه الصفة مرتبطة بالصفقة التقديرية للميزانية. و تتضح أولوية النفقات على الإيرادات في مختلف النصوص المرعية الإجراء.
و يرى الباحثون أن إعطاء الأولوية للنفقات على الإيرادات هو أحد التدابير المتخذة في ضل الفكر المالي التقليدي، و يرون أن تبرير دلك ناجم عن ضألة دور الدولة ، و قيامها بالنفقات الضرورية المحدودة و اللازمة لسير المرافق العامة و التي لا يمكن الإستغناء عنها بينما تتسع سلطة الدولة في الحصول على الإيرادات اللازمة لتغطية هذه النفقات.
المبحث الثالث: أهمية الميزانية العامة:
تظهر أهمية الميزانية العامة في مختلف النواحي خاصة السياسية و الاقتصادية:
1*من الناحية السياسية:
يشكل إعداد الميزانية و اعتمادها مجالا حساسا من الناحية السياسية، حيث تعتبر وسيلة ضغط يستعملها البرلمان للتأثير على عمل الحكومة سواء من حيث تعديلها أو حتى رفضها حتى تضطر الحكومة لإتباع نهج سياسي معين تحقيقا لبعض الأهداف السياسية و الاجتماعية.
2*من الناحية الاقتصادية:
تعكس الميزانية العامة في دول كثيرة الحياة الاقتصادية و الاجتماعية في مجتمعات هذه الدول، فهي إدارة تساعد في إدارة و توجيه الاقتصاد القومي حيث لم تعد الميزانية أرقاما و كميات كما كانت في المفهوم التقليدي بل لها آثار في كل من حجم الإنتاج القومي و في مستوى النشاط الاقتصادي بكافة فروعه و قطاعاته.
فالعلاقة وثيقة بين النشاط المالي للدولة (الميزانية) و الأوضاع الاقتصادية. بكل ظواهرها من تضخم و انكماش و انتعاش....بحيث يصبح المتعذر فصل الميزانية العامة عن الخطة الاقتصادية. و خاصة بعد أن أصبحت الميزانية أداة من أدوات تحقيق أهداف الخطة الاقتصادية.
الفصل الثاني:
المبحث الأول: تقسيمات الميزانية العامة:
1*التقسيم الإداري للميزانية:
تعتبر الجهة الحكومية في هذا التقسيم المعيار في تصنيف و تبويب النفقات و الإيرادات العامة و هو يعتبر إنعكاسا للهيكل الإداري للدولة.
**مزايا التقسيم الإداري:
ـ البساطة التي تيسر للمواطنين فهم مختلف بنود الميزانية و مشتملاتها.
ـ تسهيل مهمة رقابة المواطنين على النشاط المالي للدولة.
ـ تعرف كل وزارة و إدارة حكومية بسهولة على ما خصص لها من إعتمادات.
**عيوب التقسيم الإداري:
ـ صعوبة دراسة و تحليل الآثار الاقتصادية لمختلف العمليات الخاصة بالنشاط المالي.
ـ صعوبة تقدير ما ينفق مقدما على كل وظيفة من وظائف الدولة المختلفة.
ـ تبويب الإيرادات العامة حسب المورد الإداري يجعل من الصعوبة قياس العبء الإجمالي لتحصيل الإيرادات العامة.
2*التقسيم الوظيفي للميزانية:
المعيار المتبع في هذا التقسيم هو نوع الخدمة (الوظيفة) التي تؤديها الدولة و التي ينفق المال العام من أجلها بصرف النظر عن الجهة الإدارية التي تقوم به.
**مزايا التقسيم الإداري:
ـ يسمح بفحص اتجاهات الإنفاق الحكومي على وظائف الدولة و تحليل آثار بعضها بصفة خاصة.
ـ تقييم أنشطة كافة الوحدات المكونة للاقتصاد العام و بيان دورها في اقتصاد الجماعة.
ـ إمكانية عقد مقارنة بين التقسيمات الوظيفية لأكثر من دولة و خاصة بين الدول المتشابهة إقتصادية.
**عيوب التقسيم الوظيفي:
ـ يستمد التقسيم أهميته الكبرى من دراسة النفقات العامة الفعلية عنه في دراسة النفقات المقترحة.
ـ لا يسمح هذا التقسيم بإظهار الأشغال العامة كوظيفة مستقلة و إنما يتم توزيعها على الوظائف الأخرى وفقا لنصيبها منها.
ـ توحد بعض الأنشطة التي تقوم بها الدولة و تخدم أغراضا متعددة و بالتالي يكون من الصعب تمييز مختلف النفقات بكل بكل غرض حدى.
3*التقسيم النوعي:
و يطلق عليه أيضا التقسيم حسب البنود أو حسب طبيعة النفقة كما يستخدم أيضا مصطلح"الموازنة التقليدية" حيث يكون التركيز فيها على مختلف السلع و الخدمات و المعدات و التجهيزات و وسائل النقل و غيرها من النفقات التي تحتاج إليها الوحدات الحكومية في تشغيل مرافقها و تنفيذ برامجها. و لما كانت الجهات الحكومية و إن اختلفت أنشطتها تشتري في الغالب سلع و مواد و خدمات متشابهة. نشأت فكرة الدليل النمطي الموحد لحسابات الجهات الحكومية حيث يعطي رقم الباب و المجموعة و البند و النوع مدلولا واحدا لدى جميع الجهات.
**مزايا التقسيم النوعي:
ـ يسهل عملية الرقابة على العمليات المالية و كشف أي أخطاء أو تلاعب.
ـ يمكن من دراسة الآثار الاقتصادية لكل نوع من أنواع النفقات على الإنتاج و الاستهلاك القوميين.
ـ توفير عنصر المقارنة بين بنود الإنفاق للجهة الحكومية خلال سنوات مالية و كذلك على مستوى الجهات الحكومية.
**عيوب التقسيم النوعي:
ـ صعوبة قياس أداء الجهات الحكومية حيث يتم التركيز على وسيلة التنفيذ و يهمل التنفيذ نفسه.
ـ يهتم التبويب بالتحقق من عدم تجاوز الجهة للاعتماد المخصص لنوع النفقة ولا يهتم بالعمل الذي تباشره الحكومة.
المبحث الثاني:المبادئ الأساسية للميزانية:
1*مبدأ السنوية:
و يقضي هذا المبدأ بأن مدة سريان الميزانية اثنتا عشر شهرا أي سنة كاملة و موافقة الجهة التشريعية سنويا عليها.
و لا يشترط أن تبدأ السنة المالية مع السنة الميلادية. فقد كانت بداية السنة المالية في جمهورية مصر حتى عام1971 هو أول يوليو من كل عام. ثم تغير و أصبح أول يناير و تعتبر فترة السنة هي المدة المثلى لتحديد الإنفاق العام و الإيرادات العامة. فإذا أعدت لمدة أطول من ذلك فقد لا تتحقق التوقعات التي بنيت عليها الميزانية لما في الحياة الاقتصادية و السياسية من تقلبات يصعب التكهن بها لمدة أطول من سنة. و إذا قلت المدة عن سنة فيعني هذا أن إحدى الميزانيات تتركز فيها الإيرادات لأن معظم الإيرادات التي تعتمد عليها الميزانية تكون موسمية و العكس في الميزانية اللاحقة لها فسوف لا تظهر بها إيرادات بسبب سريانها في فترة خلاف المواسم التي لا يتحقق فيها الإيراد. و هذا بالإضافة إلى أن تغيير الميزانية و اعتمادها يتطلب أعمالا مرهقة للأجهزة التنفيذية و التشريعية فلا يجب أن يتم شل هذه الأعمال في فترات متقاربة.
*مبدأ العمومية:2
و يقضي هذا المبدأ بإظهار كافة الإيرادات و كافة المصروفات مهما كان حجمها. بحيث يتضح جليا جميع عناصر الإيرادات و جميع عناصر المصروفات دون أن تتم مقاصة بين المصروفات و الإيرادات و إظهار الرصيد المعبر عن زيادة المصروفات عن الإيرادات أو زيادة الإيرادات عن المصروفات، و كانت قديما تتبع في معظم الدول حيث كانت تتبع أسلوب الناتج الصافي. و يدافع أنصار مبدأ الناتج الصافي على أن هذه الطريقة تعطي صورة واضحة عن نتيجة نشاط الوحدة الإدارية أو المصلحة، إن كانت إيراد أو إنفاق بالنسبة للدولة، و يوجهون النقد لمبدأ العمومية لأنه يلزم كل وحدة أو مصلحة بأن تدرج في كل ميزانية تفاصيل ليست من الأهمية بمكان و لاسيما أنه قد سبق ذكرها في سنوات سابقة.
و لكن يرد على هذا الرأي بأن إدراج الوحدة الإدارية أو المصلحة لمصروفاتها بالتفصيل الكامل لميزانيتها و كذلك إدراج إيراداتها بالكامل بمثابة توضيح كامل لهذه العناصر مما ييسر مهمة الباحث أو الفاحص. و لاسيما بالنسبة للسلطة التشريعية التي يهمها الوقوف على حقيقة و طبيعة كل منصرف و إيراد. كما يعتبر بمثابة رقابة داخلية على الوحدة أو المصلحة في مرحلة تنفيذ الميزانية أو عرض حساباتها الختامية دون أن تجد وسيلة لها في تعمد إخفاء بعض عناصر المصروفات أو الإيرادات باعتمادها على إظهار نتيجة نشاطها في رقم واحد يعبر عن زيادة الإيراد عن المنصرف أو زيادة المنصرف عن الإيراد و هذا ما أدى إلى اختفاء طريقة الناتج الصافي من عالم المالية العامة و حل محله مبدأ العمومية.
3*مبدأ الوحدة:
و الهدف من إظهار الميزانية في صورة موحدة لكافة عناصر الإيرادات و المصروفات هو:
*سهولة عرض الميزانية و توضيحها للمركز المالي ككل.
*تجنيب الفاحص أو الباحث إجراء التسويات الحسابية التي يستلزمها الأمر لدراسة أو فحص الميزانية العامة للدولة مثل تجميعه لعناصر المصروفات و الإيرادات المختلفة.
*إن وضع كافة الإيرادات و أوجه إنفاقها تحت نطر السلطة التشريعية تسهل عليها مهمة ترتيب الأولويات للإنفاق العام للدولة ككل. الأمر الذي لا يمكنها من ذلك لو نظرت إلى مشتملات كل ميزانية على حدى.
أ*الميزانيات غير العادية:
و هي تلك التي توضع خصيصا لعمل طارئ كالحروب، أو للقيام بمشروعات استثمارية كبيرة كبناء السدود أو مد السكك الحديدية و تغطي النفقات غير العادية من إيرادات غير عادية كالقروض.
ب*الميزانيات المستقلة:
ج*الميزانيات الملحقة:
و يقصد بها الميزانيات التي تتمتع بموارد خاصة، و ذلك كالمرافق العامة ذات الطابع الاقتصادي و التي تتمتع باستقلال مالي و لكنها لم تمنح الشخصية الاعتبارية.
وترتبط هذه الميزانيات بميزانية الدولة أي أن رصيدها الدائن يظهر في جانب إيرادات الدولة، و رصيدها المدين يظهر في جانب نفقات الدولة.
د*الحسابات الخاصة على الخزانة:
ويقصد بها تلك (الحسابات) المبالغ التي تدخل الخزينة على أن تخرج منها فيما بعد. أي لا تعد إيرادا بالمعنى الصحيح، ثم ثم تلك المبالغ التي تخرج من الخزانة على أن تعاد منها فيما بعد و لذلك لا تعد إنفاقا عاما.
4*مبدأ عدم التخصص:
المقصود به ألا يخصص نوع معين من الإيراد لإنفاق حصيلته على نوع معين من الإنفاق كما لو خصص إيراد الرسوم الجامعية على تغطية المصروفات الخاصة بالجامعة،وتتجه أساليب المالية العامة الحديثة لإنكار مبدأ التخصيص و الأخذ بمبدأ عدم التخصيص للأسباب التالية:
*إذا قلت حصيلة الإيراد المخصص ينتج عن ذلك قصور في الخدمة المخصص لها هذا الإيراد. و إذا زاد الإيراد يؤدي إلى إسراف في الإنفاق المخصص له هذا الإيراد
*من المفروض أن أوجه الإنفاق العام تتحدد طبقا لدرجة إلحاح الحاجات العامة للمجتمع و العمل على إشباعها طبقا لدرجة إلحاحها و أن توجه الإيرادات جميعها دون تخصيص لإشباع هذه الحاجات طبقا لترتيب أولويتها.
5*مبدأ التوازن:
و معناه أن تتساوى جملة الإيرادات العامة مع جملة النفقات العامة. و تأسيسها على ذلك فلا تعتبر الميزانية محققة لمبدأ التوازن إذا زاد إجمالي النفقات العامة عن إجمالي الإيرادات العامة فهذا يعبر عن وجود عجز في الميزانية. و كذلك في حالة زيادة الإيرادات العامة عن النفقات العامة يعبر هذا عن وجود فائض في الميزانية.
و لقد كان هذا هو المبدأ السائد في القرن 19 حتى أواخر عام 1929 حيث الكساد العالمي الكبير الذي غير معتقدات أصحاب مبدأ توازن الميزانية. فقد كانوا يعتقدون أن دور الدولة محدود في نشاطها التقليدي الذي يتمثل في الدفاع و الأمن القومي و عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي فلا داعي في نطرهم لوجود عجز أو فائض.
و لكن العلماء المحدثون في المالية العامة يرون عدم الأخذ بمبدأ توازن الميزانية و يرون أن تكيف الدولة للحالة الاقتصادية عن طريق إحداث عجز أو فائض في ميزانيتها.و في هذا معالجة لهزات الدورة الاقتصادية بالنسبة للدول الرأسمالية.
المبحث الثالث: عجز الميزانية العامة:
تعتبر مشكلة عجز الميزانية من المسائل و القضايا الجوهرية التي أثارت اهتمام الباحثين الباحثين في دول العالم. فهي من المشكلات المالية المتميزة بتطويرها الذي يصيب كافة المجالات:الاجتماعية، السياسية و الاقتصادية في طل تقلص المواد. و اتساع الحاجات.
و قد تعدت المشكلة كونها قضية تواجهها دول العالم الثالث. بل و حتى الدول الصناعية المتقدمة أصبحت تنظر إلى عجز الميزانية العامة كمشكلة حقيقية تتطلب تخطيطا دقيقا وجها كبيرا.
1*مفهوم عجز الميزانية:
يمثل العجز في الميزانية العامة الفارق السلبي موازنة توسيعية من خلال زيادة المصروف التي تؤدي بدورها إلى زيادة الطلب الكلي دون أن يرافقها زيادة في المداخيل.
2*أسباب عجز الميزانية العامة:
و يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية فيما يلي:
*التوسيع في دور الدولة للإنفاق العام، وذلك من خلال زيادة متطلبات و احتياجات المواطنين.
*ضعف النمو الاقتصادي و تقلص مدا خيل الدولة.
*ارتفاع الضرائب غير المباشرة خاصة. و هو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار،و الذي ينتج عنه المطالبة برفع الأجر.
*ارتفاع الاقتطاعات على العائدات للعائلات يؤثر على القدرة الشرائية. و من ثم على ادخارهم و بصفة عامة يمكن أن ندرج هذه الأسباب في سببين رئيسيين:
ـ زيادة الإنفاق الحكومي.
ـ تقلص الموارد العامة.
3*معالجة عجز الميزانية العامة:
لقد تطرقت دراسات عديدة لموضوع عجز الميزانية العامة، و كيفية مواجهتها، بإيجاد الطرق المثلى لتمويله و التعامل معه، و سنحاول أن نستعرض في هذا الجانب التوجيهات الاقتصادية الحالية المعالجة لمشكلة عجز الموازنة العامة حسب الأسس الدولية و التطبيقات الحديثة. فمن دول العالم من تنتهج برامج الإصلاح الذاتي لمعالجة المشكلة، و منها من تلجأ إلى المؤسسات المالية الدولية لتمويل عجزها و خاصة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، و مختلف المؤسسات المالية الدولية الأخرى.
أ*برامج الإصلاح و التنمية الذاتية:
تنتهج كثير من دول العالم برامج الإصلاح الذاتية التي تعتمد على إجراءات و طرق علاجية تختلف حسب نظامها المالي و تهدف هذه البرامج إلى ترشيد النفقات العامة. و زيادة الإيرادات الضرورية بفرض الضرائب على جميع المجالات القابلة لذلك أي الإبقاء على دور الدولة واضحا في الاقتصاد بما يحقق التنمية الشاملة و التخطيط المحكم. و في إطار برامج الإصلاح الذاتي، و بغية علاج الجزء المتعلق بالميزانية العامة من النظام المالي تلجأ الدولة إلى إتباع و أخذ السياسات التمويلية التالية:
سياسة التمويل الداخلي لتغطية العجز في الموازنة العامة:
تلجأ الدولة النامية إلى الاقتراض الداخلي عوضا عن طلب القروض من الأسواق العالمية في سبيل ذلك تصدر تلك الدول سندات الخزينة لتمويل العجز في الميزانية العامة، غير أن هذه السياسة قد تترتب عنها بعض الآثار السلبية كزيادة حجم الدين العام الداخلي عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة.
ترشيد النفقات العامة:
هو تطبيق عملي لأفضل كفاءة في توزيع الموارد، فهو يشمل بالضرورة الحد من الإسراف في كافة المجالات و الأخذ بمبدأ الإنفاق لأجل الحاجة الملحة لتحقيق النمو المطلوب في الاقتصاد الوطني.
سياسة التمويل الخارجي لتغطية عجز الموازنة العامة:
يهدف هذا الإجراء إلى التأثير على ميزان المدفوعات بتعزيز رصيد احتياطي العملة الأجنبية المتحصل عليها من القروض، أو المحافظة على أسعار صرف العملة المحلية في حدود المعقول التي لا تؤدي إلى حدوث خلل في الميزانية العامة، نتيجة ارتفاع قيمة الدين العام الناتج عن انخفاض قيمة العملة المحلية. و يدخل في سياسة التمويل الخارجي لسندات الخزينة التي تنشط الأموال الأجنبية من خلال تشجيع الصادرات ، و هو ما يحقق نتائج فورية كبيرة، و يقلل من عجز الميزانية العامة. و من الملاحظ أن مثل هذا الإجراء لسياسة التمويل الخارجي. تنتهجه الدولة الصناعية و لا يمكن في كثير من الأحيان أن يستخدم بنجاح في الدول النامية، لأن العبء الذي تتحمله هذه الدول في سداد تلك القروض على المدى البعيد، سيفوق حجم العائدات من هذه القروض.
الفصل الثالث: مراحل الميزانية العامة:
المبحث الأول: تحضير و إعداد الميزانية:
1*السلطة المختصة بتحضير الميزانية:
تلعب السلطة التنفيذية الدور الأساسي في هذه المرحلة، و يرجع ذلك إلى عدة إعتبارات:
*الاعتبار الأول:
تعبر الميزانية عن البرنامج و الخطط الحكومية في المجالات المختلفة.
*الاعتبار الثاني:
أن السلطة التنفيذية تتولى إدارة وحدات القطاع العام، ومن فهي وحدها التي تعلم ما تتطلبه هذه الإدارة من نفقات.
*الاعتبار الثالث:
السلطة أكثر معرفة بالمقدرة المالية للاقتصاد الوطني، و ذلك بفضل الأجهزة الإحصائية المختلفة.
*الاعتبار الرابع:
السلطة التنفيذية أفضل من السلطة التشريعية في تحديد الحاجات العامة و الأولويات الاجتماعية.
ـ تتولى السلطة التنفيذية مهام تحضير الميزانية بينما السلطة التشريعية تختص باعتماد الميزانية.
ـ فالسلطة التنفيذية أقدر من السلطة التشريعية في تقدير أوجه النفقات و الإيرادات العامة.
ـ و يتم تكليفها بإعداد و تحضير الميزانية وفقا للظروف الاقتصادية الملائمة، فالميزانية تمثل النشاط المالي للدولة لذلك وجب أن يسودها الانسجام و التوافق.
ـ و لا يتحقق هذا إذا ترك الأمر للسلطة التشريعية فالبرلمان يقوم بإعداد ميزانية وفقا للمنتخبين فهي تخدم مصالحهم لا المصالح العامة.
ـ ثم إن السلطة التشريعية تطالب السلطة التنفيذية باحترام الخطة الاقتصادية للدولة فهي بذلك تقوم بالتوجيهات العامة و لا تتدخل في تفاصيل إعداد و تحضير الميزانية.
ـ يتولى تقدير النفقات كل وزير ثم تقدم إلى وزير المالية فيتم التشاور فيها إن كان هناك ضرورة لإدخال تعديلات معينة. و إذا لم يوافق هؤلاء يتخذ القرار بمفرده.
ـ و إذا حدث خلل إجراء التعديلات يتم عرضه على رئيس الوزراء الذي يحيله بدوره إلى مجلس الوزراء للفصل في هذا الخلاف. و يتم تحديد سلطات وزير المالية لما يحقق منفعة للدولة.
2*الإجراءات الفنية المتبعة بصدد تحضير الميزانية:
باعتبار وزير المالية ممثلا للسلطة التنفيذية يقوم بمطالبة كافة الوزارات بوضع تقديراتهم حول الإيرادات و النفقات للسنة الماليةالمقبلة ليتسنى له الوقت إعداد مشروع الميزانية.
ـ كل مؤسسة أو مصلحة تتولى إعداد تقديراتها بشان ما تحتاج إليه من نفقات أو ما تتحصل عليه من إيرادات خلال السنة الماليةو ترسلها إلى الوزارة التابعة لها، حيث تتم مراجعتها و تعديلها ومن ثم إدراجها ضمن مشروع الميزانية الذي يتم عرضه على مجلس الوزراء الذي يعرضه على السلطة التشريعية في الموعد المنصوص.
ـ لقد بدأت الدول و خاصة المتقدمة الاتجاه إلى الأساليب الحديثة لإعداد و تحضير الميزانية العامة. فهي تعبر عن النفقات و الإيرادات بصورة حقيقية، ثم توضح الاتجاه الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي لكل دولة.
ـ و قد أصبحت الدول تشمل التقسيمين (الإداري و الوظيفي) بعد إعداد ميزانيتها العامة.
*التقسيم الإداري:
أسلوب تقليدي لإعداد و تحضير الميزانية، فهي تبوب النفقات و الإيرادات وفقا للوحدات الحكومية.
ـ و هذا التقسيم يمكن السلطة التشريعية من مراقبة و اعتماد الميزانية بسهولة. وما يعاب عليه انه غير كاف لدراسة تطور توزيع الموارد العامة.
*التقسيم الوظيفي:
أسلوب حديث يسمح بتصنيف النفقات العامة و في مجموعات متجانسة، و المعيار المتبع هو نوع الوظيفة أو الخدمة التي ينفق المال العام من اجلها:
ـ فمثلا النفقات المخصصة للصحة المدرسية تدرج ضمن بند الصحة بالرغم من أنها تابعة لوزارة التربية و التعليم.
ـ ما يعاب على هذا التقسيم انه يهتم بجانب النفقات و يهمل الإيرادات، ولا يمكن تقسيم الإيرادات تقسيما وطيفيا، لذلك يتم تقسيمها تقسيما كما يتماشى مع التقسيم الوظيفي، حيث يتم نشر بيانات الميزانية بشكل واضح ليفهم مفهومنا.
ـ للتقسيم الوظيفي أهمية كبيرة في إعداد و تحضير الميزانية، حيث تتخصص كل مجموعة متجانسة في وضيفة معينة، و تمكننا أيضا من معرفة كيفية توزيع النفقات العامة على وظائف الدولة.
ـ و أخيرا بواسطته نتمكن من تحليل النشاط الحكومي و الوقوف على تغيراته.
ـ و قد اتخذت عدة أساليب لتحضير و إعداد الميزانية تتمثل:
*أولا: ميزانية الأداء:
و التي تنعني إعادة تقييم جانب النفقات العامة حيث يظهر كل ما تنجزه الدولة من أعمال مثل إنشاء مستشفى جامعي، بناء مدرسة...
و هذا يهدف تحقيق أهداف إنتاجية محددة.
*ثانيا: ميزانية التخطيط و البرمجة:
يهدف هذا الأسلوب إلى تحقيق احتياجات المجتمع بالاستغلال الأمثل لجميع الموارد حيث يمكننا من معرفة المقارنة بين تكلفة و منفعة الإنفاق العام و هذا الأسلوب يقوم على عناصر ثلاثة هي:
أ*التخطيط:
و هو يمثل الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها في المدى الطويل.
ب*البرمجة:
يقصد بها تحقيق الأهداف المحددة مع تقدير العبء المالي لكل بديل، و وضع برامج متكاملة لتحقيق عدة أهداف.
ج*الموازنة:
و هي عبارة عن ترجمة الشرائع السنوية للبرامج في صورة اعتمادات سنوية.
ثالثا: الإدارة بالأهداف:
و هي تخصيص اعتمادات الميزانية وفقا للأهداف الفرعية التي تسعى كل الوحدات الحكومية لتحقيقها. حيث يقوم كل مرفق أو رئيس قسم بتحديد أهدافه و يتم الاعتماد وفقا لهذه الأهداف.
رابعا: الميزانية ذات الأساس الصغرى:
وهي ضرورة تحليل البيانات و دراسة و تقييم كافة الأنشطة و البرامج سنويا، و هي تؤدي إما لتطوير و تحسين البرامج و زيادة الإعتمادات و إما بقائها على حالها أو تخفيضها أو إلغائها إذا ثبت عدم جدواها.
المبحث الثاني: اعتماد الميزانية:
1* السلطة المختصة باعتماد الميزانية:
السلطة المختصة باعتماد و إيجاز الميزانية هي السلطة التشريعية و الاعتماد شرط أساسي لا غنى عنه لوضع الميزانية موضع
التنفيذ و ذلك طبقا للقاعدة المشهورة″أسبقية الاعتماد على التنفيذ″.
ـ و حتى السلطة التشريعية في اعتماد الميزانية يتم في الموافقة على الضرائب و مراقبة موارد الدولة عامة. لكن بالإضافة إلى ذلك وجب اعتراف السلطة التشريعية بحق أخر و هو الموافقة على النفقات.
ـ و يمر اعتماد الميزانية داخل المجلس التشريعي بثلاث مراحل هي:
أ*مرحلة المناقشة العامة:
ب*مرحلة المناقشة التفصيلية المتخصصة:
تطلع بها لجنة متخصصة و هي لجنة الشؤون الاقتصادية و المالية .
ـ تستعين بما تراه من خبراء استثماريين، تناقش مشروع الميزانية منكل جوانبها و ترفع بعد ذلك تقريرها إلى المجلس.
ج*مرحلة المناقشة النهائية:
يناقش المجلس تقارير اللجنة و يقوم بالتصويت وفقا للدستور و القوانين المعمول بها.
تتوقف كفاءة السلطة التشريعية في فحصها لمشروع الميزانية على اعتبارات عدة منها:
*توفر قدر وافي من الإحاطة بمختلف جوانب الميزانية و توفر المعلومات المالية و الاقتصادية و مكونات ميزانية الدولة.
*سياسيا و اقتصاديا و النقابية، فكلما كانت ناضجة توفرت للسلطة التشريعية قوة سياسية و كلما كانت غير ناضجة، كان تأثير السلطة التنفيذية أقوى.
*و للمجلس التشريعي حق إجراء التعديلات على مشروع الميزانية حيث لا يحق له إجراء تعديلات جزئية بل يفترض أن يكون البناء متكاملا و يشمل الميادين السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية.
*لا يحق لنواب الشعب إجراء تعديلات على مشروع الميزانية العامة لأنها لا تهدف لتحقيق الصالح العام بل قد تخل بالبناء المتكامل.
*ينحصر حق البرلمان في الموافقة على مشروع الميزانية أو رفضه. و في حالة رفضه تقدم الحكومة استقالتها أي تسحب الثقة منها. إلا إذا تم إجراء انتخابات نيابية جديدة.
2*أداة اعتماد الميزانية:
إذا وافق البرلمان على مشروع الميزانية العامة يصدرها وفق قانون يطلق عليه قانون المالية، حيث يحدد المبلغ الإجمالي لكل من النفقات و الإيرادات.
ـ لقد ثار الخلاف حول قانون المالية العامة إذا ما كان قانون دقيق أم لا، حيث أنه يقرر فحسب اعتماد البرلمان لمبالغ الإيرادات و النفقات الواردة في الميزانية.
ـ يعد قانون الميزانية قانونا بالمعنى العضوي كونه صادرا عن السلطة المختصة بالتشريع.
ـ إن اعتماد البرلمان للإيرادات يختلف عن اعتماده للنفقات: فالإيرادات تقوم الحكومة بتحصيلها، لكنها لا تلتزم برقم الإيرادات المطلوبة بل قد تتعداه، دون إذن مسبق من البرلمان بذلك.
ـ و يختلف الأمر في اعتماد البرلمان للنفقات. فلا يجوز أن تكون النفقات أكبر من الإيرادات و لا يحق للدولة اعتماد نفقات باب معين لباب أخر إلا بموافقة البرلمان.
ـ و قد تضطر الحكومة إلى طلب نفقات أخرى غير واردة في الميزانية و ذلك لنشأة وجه جديد للإنفاق. و لكن يستوجب هذا موافقة المجلس النيابي.
2*تقنيات تقدير النفقات و الإيرادات:
تختلف الطرق و الأساليب المتبعة لتقدير كل النفقات و الإيرادات العامة في الميزانية. حيث تسعى السلطة التنفيذية المختصة بإعداد و تحضير الميزانية و هي أن تكون تقديراتها مطابقة للواقع، بحيث لا تحدث اضطرابات متعلقة بزيادة النفقات و نقص الإيرادات عما هو متوقع.
أولا: تقدير النفقات:
يتم إعادة النفقات دون صعوبات تقنية كثيرة. حيث أن كل مرفق يحدد نفقاته المستقلة على أساس حجم نفقاته السابقة مضافا إليها ما سيقوم به المرفق من نفقات خاصة بالاستثمارات أو الإنشاءات خلال السنة المالية المقبلة و يتم تقدير النفقات أو ما يعرف بالإعتمادات باستخدام عدة طرق.
أ*الاعتمادات المحددة و الاعتمادات التقديرية:
*نعني بالإعتمادات المحددة تلك التي تمثل الأرقام الواردة بها الحد الأقصى لما تستطيع الحكومة دون الرجوع إلى السلطة التشريعية و تعد هذه الطريقة هي الأساس في اعتمادات النفقات و تطبق بالنسبة للمرافق القائمة بالفعل و التي يكون لها خبرة في تقدير نفقاتها المستقلة، مما يعني عدم تجاوزها للاعتمادات المخصصة لتغطية هذه النفقات.
*أما الإعتمادات التقديرية و يقصد بها النفقات التي يتم تحديدها على وجه التقريب. و هي تطبق عادة على المرافق الجديدة التي لم يعرف نفقاتها وجه التحديد. و يجوز للحكومة أن تتجاوز مبلغ الاعتماد التقديري دون الرجوع إلى السلطة التشريعية، على أن يتم عرض الأمر عليها فيما بعد للحصول على موافقتها، أي أن موافقة السلطة التشريعية عليها تعد موافقة شكلية.
ب*إعتمادات البرامج:
هذه الطريقة لتقدير النفقات تتعلق بالمشاريع التي يتطلب تنفيذها فترة طويلة و يتم تنفيذ ه\ه البرامج بطريقتين: إما عن طريق أن يتم تحديد مبلغ النفقات بصورة تقديرية و يتم إدراجه في ميزانية السنة الأولى على أن يتم إدراج في ميزانية كل سنة من السنوات اللاحقة الجزء الذي ينتظر دفعه فعلا من النفقات. و تسمى هذه الطريقة بطريقة اعتمادات الربط. أما الطريقة الثانية فهي تتلخص في أن يتم إعداد قانون خاص مستقل عن الميزانية يسمى بقانون البرنامج توافق عليه السلطة التشريعية.
و بموجب هذا القانون يتم وضع برنامج مالي على أن يتم تنفيذه على عدة سنوات و يوافق على الإعتمادات اللازمة له، و يقسم هذا القانون ذات البرنامج على عدة سنوات و يقرر كل جزء منها الاعتمادات الخاصة بها. و تسمى هذه الطريقة بطريقة اعتمادات البرامج.
ثانيا: تقدير الإيرادات:
يثير تقدير الإيرادات العامة صعوبات تقنية إذ أنه يرتبط أساسا بالتوقيع فيما يتعلق بالظروف و المتغيرات الاقتصادية التي قد تطرأ على الاقتصاد الوطني من أجل تحديد مصادر الإيرادات المختلفة، وخاصة الضرائب، في السنة المالية المقبلة.
و يتم تقدير الإيرادات العامة باستخدام عدة طرق:
أ*التقدير الآلي:
تتمثل هذه الطريقة في تقدير الإيرادات المقبلة على أساس آلي لا يترك للقائمين بتحضير الميزانية أي سلطة تقديرية بتقدير الإيرادات المتوقع الحصول عليها.
و تستند هذه الطريقة أساسا على قاعدة السنة قبل الأخيرة إذ يتم تقدير الإيرادات على أساس الاسترشاد بنتائج آخر ميزانية نفذت أثناء تحضير الميزانية الجديدة. و هناك قاعدة أخرى هي قاعدة الزيادات، أي إضافة نسبة مئوية على آخر ميزانية نفذت وتتم على أساس متوسط الزيادة التي حدثت في الإيرادات العامة و تتميز هذه الطريقة على أنها تحدد حجم الإيرادات و النفقات بطريقة تحفظية. ما يعاب عليها أن الحياة الاقتصادية لا تسير في اتجاه ثابت. فغالبا ما تتأرجح بين الكساد و الانتعاش من فترة لأخرى.
انتشار التضخم و ارتفاع الأسعار و انخفاض القدرة الشرائية في كثير من البلدان في العصر الحديث يجعل من الصعب استعمال هذه الطريقة في تحديد حجم الإيرادات.
ب*التقدير المباشر:
تستند هذه الطريقة أساسا على التوقع أو التنبؤ باتجاهات كل مصدر من مصادر الإيرادات العامة على حدة و تقدير حصيلته المتوقعة بناءا على هذه الدراسة مباشرة.
كل مؤسسة من القطاع العام تتوقع حجم المبيعات للإيرادات العامة للسنة المالية المقبلة، بحيث كل الوزارات أو الهيئات الحكومية تقدر ما تتوقع الحصول عليه من إيرادات في شكل رسوم أو ضرائب عن نفس السنة المالية موضوع الميزانية الحديثة.
و هذه التوقعات ترتبط بحجم النشاط الاقتصادي ففي حالة الرخاء و الانتعاش تزداد الدخول و الثروات و المبيعات و الأرباح و الاستهلاك و الواردات و الصادرات...الخ و التي يترتب عليها زيادة الإيرادات بصورة غير متوقعة، أما في فترات الكساد تصاب الأنشطة الاقتصادية بالخمول، مما يؤدي إلى قلة الإيرادات و زيادة النفقات و هذا ما يستدعي دراسة فورية للتقلبات الاقتصادية.
و إذا كانت طريقة التقدير المباشر أفضل الطرق لتقدير الإيرادات، فاللجان المتخصصة تقوم بالاسترشاد لتقدر مبالغ الإيرادات الفعلية المحصلة حسب مستولى النشاط الاقتصادي المتوقع و التغيرات المنتظرة في التشريع الضريبي باعتباره أهم مصادر الإيرادات العامة على الإطلاق...الخ.
المبحث الثالث: تنفيذ الميزانية و الرقابة عليها:
1*تنفيذ الميزانية:
وهي تمثل مرحلة انتقال الميزانية العامة من التطبيق النظري إلى حيز التطبيق العملي الملموس. و هي آخر مرحلة من مراحل الميزانية، تختص بها السلطة التنفيذية و تشرف على تنفيذها وزارة المالية التي تعتبر أهم أجزاء الجهاز الإداري للدولة.
أ*عمليات تحصيل الإيرادات و النفقات:
تتولى وزارة المالية مهمة تنفيذ الميزانية عن طريق تجميع الإيرادات من مختلف المصادر و إيداعها في الخزينة العمومية و يتم في المقابل الإنفاق لكن حسب الحدود الواردة في اعتماد الميزانية.
أولا: عمليات تحصيل الإيرادات:
كما ذكرنا سابقا، تختلف القيمة القانونية للإيرادات الواردة في الميزانية عن قيمتها فيما يتعلق بالنفقات.
فإجازتها للنفقات تعني مجرد الترخيص للحكومة بالإنفاق في حدود المبالغ التي تم اعتمادها.
إجازتها للإيرادات، بحيث لا تملك هذه عدم تحصيل جزء منها، وألا تكون قد ارتكبت خطأ تحاسب عليه أمام السلطة التشريعية.
و يتم تحصيل الإيرادات العامة بواسطة موظفين مختصين في وزارة المالية مباشرة أو تابعين لجهات حكومية تتبع وزارة المالية.
و يجب مراعاة عدة قواعد عامة في عمليات تحصيل الإيرادات العامة تتمثل في:
ـ أن يتم تحصيل الإيرادات في مواعيد معينة وطرق معينة وفقا لنص القانون.
ـ يجب تحصيل مستحقات الدولة فور نشوء حقوقها لدى الغير و قد تضمن المشروع حق الدولة في تحصيل إيراداتها في أسرع وقت ممكن، بإعطاء الحكومة حق امتياز على أموال المدين عن سائر الدائنين. كما أعطاها الحق في إجراء الحجز الإداري لتحصيل ديونها. كما ميز حق الدولة في تحصيل دين الضريبة لا يوقف دفعها أولا ثم التظلم فيما بعد.
ـ لضمان دقة و سلامة التحصيل، فانه من المقرر و وفقا للقواعد التنظيمية، الفصل في عمليات التحصيل بين الموظفين المختصين بتحديد مقدار الضريبة، و الآخرين المختصين بجبايتها.
ثانيا: عمليات النفقات:
إن إجازة السلطة التشريعية لاعتمادات النفقات لا يعني التزام الدولة بإنفاق كافة مبالغ الاعتمادات و لكنه يعني الإجازة و الترخيص للدولة بان تقوم بالإنفاق في حدود هذه المبالغ أي تقوم بإنفاق هذه المبالغ كلها أو بعضها في حالة الحاجة إلى ذلك.
ولضمان عدم إساءة استعمال أموال الدولة، و التأكد من إنفاقها، نضم القانون عمليات صرف الأموال العامة على أربع خطوات
هي:
الالتزام:
ينشا الالتزام نتيجة قيام السلطة الإدارية باتخاذ قرار لتحقيق عمل معين كالإنفاق من جانب الدولة مثلا: تعيين موظف عام أو بالقيام ببعض أعمال المنفعة العامة مثلا:إنشاء طرق أو جسور...الخ والإنفاق ليس الهدف منه زيادة أعباء الدولة بلا تحقيق أهداف معينة عامة
كما ينشا الالتزام بإنفاق مبلغ معين نتيجة إصابة مواطن بسيارة حكومية مما يضطر الدولة على دفع مبلغ تعويض.
و في كلتا الحالتين فان الارتباط بالنفقة يعني العمل القيام بعمل مكن شانه أن يجعل الدولة مدينة.
التصفية:
بعد أن يتم الالتزام تأتي الخطوة الثانية المتعلقة بالتصفية أي بتحديد مبلغ النفقة الواجب على الدولة دفعها فيتم تقدير المبلغ المستحق للدائن و خصمه من الاعتماد المقرر في الميزانية مع ضرورة التأكد من أن الشخص الدائن غير مدين بشيء حتى يمكن إجراء المقاصة بين الدينين.
يكون الدفع بعد انتهاء الأعمال، فالدائن ينهي أعماله أولا قبل أن تدفع له الدولة المبالغ المدينة بها نتيجة هذه الأعمال. حتى تتمكن من تحديد مبلغ الدين على النحو فعلي.
الأمر بالدفع:
بعد أن يتم تحديد مبلغ النفقة أو الدين،يصدر قرار من الجهة الإدارية المختصة بضمان أمر بدفع مبلغ النفقة. و يصدر ه\ا القرار عادة من وزير المالية أو من ينوب عنه.
الصرف:
يقصد بالصرف أن يتم دفع المبلغ المحدد في الأمر عن طريق موظف تابع لوزارة المالية غير الذي يصدر عنه أمر الدفع منعا للتلاعب و غالبا ما يتم هذا في صورة إذن على البنك المركزي الذي تحتفظ فيه الدولة بحساباتها.
فالخطوات الثلاث الأولى تتعلق بالاختصاص الإداري المتعلق بالجهة الإدارية. أما الخطوة الأخيرة فتتعلق بالاختصاص الحسابي المتعلق بوزارة المالية. و هذا الفصل بين الاختصاصين نتيجة عدم ارتكاب أي مخالفة مالية.
و الآن نحاول مواجهة الاختلاف بين الأرقام التقديرية والأرقام الفعلية للنفقات والإيرادات العامة.
فالنسبة للنفقات العامة فهي تعتمد على قاعدة تخصيص الاعتمادات، السلطة التشريعية هي التي تتولى الإنفاق في حالة مخالفة تقديرات النفقات أو استخدام الاعتماد لنفقة معينة إلى نفقة أخرى.
و تختلف الإجراءات المتبعة للحصول على اعتماد من السلطة التشريعية من دولة إلى أخرى.فقد يسمع للسلطة التنفيذية القيام بنقل البنود دون موافقة من السلطة التشريعية. و في بعض الأحيان يخصص مبلغ في ميزانية كل وزارة في حالة نقص النفقات، و إذا ما تجاوز الأرقام الفعلية الأرقام التقديرية، فلا تتقدم بطلب الاعتمادات الإضافية، و لكن عليها أن تتقدم لسلطة التشريعية بميزانية كاملة مصححة للميزانية الأولى لمناقشتها و اعتمادها.
الإيرادات:
أي مخالفة تقديرات إيرادات الدولة للأرقام الفعلية، لا يثير العديد من المشاكل، فأي خطا يحدث في تقدير حصيلة نوع من أنواع الإيرادات يعوض، فالأخطاء بالزيادة تعوض الأخطاء بالنقصان،دون أن يؤثر ذلك على تنفيذ الميزانية العامة وفقا للقاعدة المتبعة بالنسبة للإيرادات العامة وهي قاعدة عدم تخصيص الإيرادات أما إذا تعلق الخطأ بالزيادة فانه يتم تصرف في الزيادة الإجمالية وفقا للنظم و القوانين المعمول بها في كل دولة على حدى و تثور المشكلة في حالة الخطأ في تقدير الحصيلة الإجمالية للإيرادات العامة بالنقصان، إذ تضطر الدولة في هذه الحالة إلى اللجوء لمصادر غير عادية لسد العجز في الإيرادات مثل الاقتراض أو الإصدار النقدي.
2*مراقبة تنفيذ الميزانية:
المقصود بمراقبة تنفيذ الميزانية هو أن يتم الإنفاق بالشكل الذي ارتضاه المجلس السياسي الممثل للشعب باعتباره الممول الأعلى للدولة فيما حددته من إيرادات عامة هي أساسا جزء من دخول أفراد الشعب.
و قد تكون مراقبة التنفيذ سابقة على أو لاحقة له، فمن مزايا النوع الأول منع وقوع الخطأ. و فيه مطابقة التصرف المالي قبل حدوثه لما ارتبطت به الحكومة مع ممثلي الشعب. و من الدول التي تسير على هذا النظام المملكة المتحدة البريطانية في عهد البرلمان إلى موظف أو شخص مسؤول يسمى المراقب العام فلا تتم عملية صرف إلا بعد إذنه و يكون قد تحقق من ورود اعتماد في الميزانية لهذا المبلغ و المراقب العام غير قابل للعزل و لا تملك الحكومة حل عزله ولا تتدخل في تحديد مرتبة أو زيادته أو إنقاصه فكل هذه الأمور من سلطة البرلمان.
و الرقابة على تنفيذ الميزانية قد تكون رقابة إدارية أو رقابة سياسية، أو رقابة الأجهزة المستقلة و ذلك فضلا عن الرقابة السابقة على تنفيذ الميزانية، و الرقابة اللاحقة لذلك.
أ*الرقابة الادارية:
هي تلك التي تقوم بها الحكومة على نفسها. و هي تتناول كيفية تنفيذ الميزانية. و إدارة الأموال العامة. و يقوم على هذه الرقابة موظفون حكوميون. و هم الرؤساء من العاملين بالحكومة على مرؤوسيهم و تقوم بها وزارة المالية على الإدارات الحكومية المختلفة. و ذلك بواسطة قسم مالي خاص يتبع وزارة الخزانة في كل وزارة. وتتناول هذه الرقابة عمليات التحصيل والصرف التي يأمر بها الوزراء أو من ينوب عنهم. وذلك للتحقق من مطابقة أوامر الصرف للقواعد المالية المقررة في الميزانية.
ب*الرقابة السياسية:
إن الغاية ن الرقابة الميزانية. بصورة عامة.هي التأكد من احترام الإجازة التي أعطاها البرلمان للحكومة في جباية الايرادات و صرف النفقات.
و تتحقق هذه الرقابة عن طريق إلزام الحكومة بتقديم حساب ختامي في نهاية السنة المالية للسلطة التشريعية. يبين فيه ما تم جبايته فعلا من إيرادات و ما تم صرفه من نفقات. و مدى مطابقة كل هذا لما ورد بالميزانية.
و تحقيقا لهذه الرقابة السياسية فقد نص الدستور الجزائري الذي وافق الشعب عليه في 19 نوفمبر 1976 في المادة 187 منه على أن "تقدم الحكومة في نهاية كل سنة مالية إلى المجلس الشعبي الوطني عرضا حول استعمال الإعتمادات المالية التي أقرها بالنسبة للسنة المالية المعنية و تختتم السنة المالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني بالتصويت على قانون يتحدد بمقتضاه ضبط ميزانية السنة المالية المنصرمة.
ج*رقابة الأجهزة المستقلة:
تقوم بعض الدول بإنشاء أجهزة مستقلة تقوم على مراقبة كل التصرفات المالية و الهدف من وراء ذلك الحفاظ على المال العام. وعادة ما تتبع هذه الأجهزة رئيس الدولة حتى تتمتع باستقلال اتجاه الوزارات المختلفة. كما تكلف هذه الأجهزة بتقديم تقرير ينوي لرئيس الدولة تبين فيه كل ما قامت به من أعمال و ما كشفت عنه الرقابة المالية و المحاسبية من مخالفات و توصيات الجهاز بشأنها تفادي أي أخطاء مستقبلا.
و لقد أخذت جمهورية الجزائر بهذا الاتجاه. ذلك أن المادة 190 من الدستور تنص على أن"يؤسس مجلس محاسبة مكلف بالمراقبة اللاحقة لجميع النفقات العمومية للدولة و الحزب و المجموعات المحلية و الجهوية و المؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها. و يرفع مجلي المحاسبة تقريرا سنويا إلى رئيس الجمهورية، و يحدد القانون قواعد تنظيم هذا المجلس و طرق تسييره و جزاء تحقيقاته".
و الرقابة السياسية و رقابة مجلس المحاسبة هي من صور الرقابة اللاحقة لتنفيذ الميزانية، و أما الرقابة الإدارية التي تقوم بها
الحكومة فهي إما أن تكون سابقة لتنفيذ الميزانية أو لاحقة لها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق